للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٩٨ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٢٥٩٨ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ) ; لِأَنَّهُ أَجْزَلُ إِثَابَةً، وَأَعْجَلُ إِجَابَةً. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْإِضَافَةُ فِيهِ إِمَّا بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ: دُعَاءٌ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ ( «وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ) بَيَانًا لِذَلِكَ الدُّعَاءِ ; فَإِنْ قُلْتَ هُوَ ثَنَاءٌ، قُلْتُ: فِي الثَّنَاءِ تَعْرِيضٌ بِالطَّلَبِ، وَإِمَّا بِمَعْنَى " فِي " لِيَعُمَّ الْأَدْعِيَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهِ اهـ.

وَأُجِيبُ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا: بِأَنَّهُ لَمَّا شَارَكَ الذِّكْرُ الدُّعَاءَ فِي أَنَّهُ جَالِبٌ لِلْمَثُوبَاتِ، وَوَصْلَةٌ إِلَى حُصُولِ الْمَطْلُوبَاتِ، سَاغَ عَدُّهُ مِنْ جُمْلَةِ الدَّعَوَاتِ، فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَبْلَغُ فِي قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، فَإِنَّ التَّلْوِيحَ أَوْلَى مِنَ التَّصْرِيحِ، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي ابْنِ جُدْعَانَ: أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِذِكْرِ الْمَوْلَى، وَيَعْرِضَ عَنِ الْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَالْأُخْرَى اعْتِمَادًا عَلَى كَرَمِهِ، وَإِحْسَانِهِ وَإِنْعَامِهِ، وَامْتِنَانِهِ، فَقَدْ وَرَدَ: " «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» ". وَفِي هَذَا الْمَقَامِ كَمَالُ التَّفْوِيضِ، وَالتَّسْلِيمِ بِالْقَضَاءِ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا كَمَا قِيلَ: وَكَّلْتُ إِلَى الْمَحْبُوبِ أَمْرِي كُلَّهُ فَإِنْ شَاءَ أَحْيَانِي وَإِنْ شَاءَ أَتْلَفَا فَقَدْ وَرَدَ: " «اللَّهُمَّ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا، فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» " " «وَاللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» " وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُ مِنَ الذِّكْرِ الدُّعَاءُ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الرِّضَا، وَإِرَادَتُهُ لِقَاءَ الْمَوْلَى، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: خَيْرُ مَا قُلْتُ مِنَ الذِّكْرِ ; فَيَكُونُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ مِنَ الذِّكْرِ، وَفِي غَيْرِهِ، أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ". (وَحْدَهُ) : أَيْ: يَنْفَرِدُ مُنْفَرِدًا قَالَهُ عِصَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي أَنَّهُ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ، وَأَوَّلَهُ بِالنَّكِرَةِ رِعَايَةً لِلْبَصْرِيَّةِ. (لَا شَرِيكَ لَهُ) أَيْ: فِي الْأُلُوهِيَّةِ، وَالرُّبُوبِيَّةِ، أَوْ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، أَوْ تَأْكِيدٌ ثَانٍ لِأَنَّ التَّوْحِيدَ الذَّاتِيَّ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ، سِيَّمَا فِي الْجَمْعِ الْأَفْخَمِ (وَلَهُ الْمُلْكُ) : أَيْ: جِنْسُ الْمُلْكِ مُخْتَصٌّ لَهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمُلْكِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمُلْكِ الْعِلْمِ، وَالْحِكْمَةِ، وَمُلْكِ الْعَمَلِ، وَالزَّهَادَةِ، وَالْقَنَاعَةِ (وَلَهُ الْحَمْدُ) أَيْ: فِي الْأُولَى، وَالْأُخْرَى، أَوِ الْحَمْدُ ثَابِتٌ لَهُ حُمِدَ أَوْ لَمْ يُحْمَدْ، أَوْ لَهُ الْحَامِدِيَّةُ وَالْمَحْمُودِيَّةُ، فَهُوَ الْحَامِدُ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) : شَاءَهُ، وَأَرَادَهُ (قَدِيرٌ) أَيْ: تَامُّ الْقُدْرَةِ فَالْقُدْرَةُ تَابِعَةٌ، وَأُرِيدَ بِالشَّيْءِ الْمَشِيءَ، مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ: عَنْ عَمْرٍو.

<<  <  ج: ص:  >  >>