(فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ) مُتَابَعَةً لِلْأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ (فَيَقِفَ بِهَا ثُمَّ يَفِيضَ مِنْهَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْإِفَاضَةُ الزَّحْفُ وَالدَّفْعُ فِي السَّيْرِ، وَأَصْلُهَا الصَّبُّ فَاسْتُعِيرَ لِلدَّفْعِ فِي السَّيْرِ، وَأَصْلُهُ أَفَاضَ نَفْسَهُ، أَوْ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ تَرَكَ الْمَفْعُولَ رَأْسًا حَتَّى صَارَ كَاللَّازِمِ. (فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (ثُمَّ أَفِيضُوا) أَيِ: ادْفَعُوا وَارْجِعُوا (مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) : أَيْ: عَامَّتُهُمْ، وَهُوَ عَرَفَةُ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى خُرُوجِ الْمُتَكَبِّرِينَ عَنْ كَوْنِهِمْ نَاسًا، فَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ، وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ وَضَعَهُ. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْخِطَابُ مَعَ قُرَيْشٍ، أُمِرُوا بِأَنْ يُسَاوُوا النَّاسَ بَعْدَ مَا كَانُوا يَتَرَفَّعُونَ عَنْهُمْ، وَ " ثُمَّ " لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْإِفَاضَتَيْنِ، يَعْنِي: أَنَّ أَحَدَهُمَا صَوَابٌ، وَالْآخَرَ غَلَطٌ، وَقِيلَ: مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ شَرْعٌ قَدِيمٌ فَلَا تُغَيِّرُوهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَعْظِيمًا لَهُ، أَوْ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute