للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٢١ - «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٦٢١ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ انْتَهَى) أَيْ: وَصَلَ أَوِ انْتَهَى وُصُولُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، كَمَا بَيَّنَتْهُ بَقِيَّةُ الرِّوَايَاتِ (إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى) أَيِ: الْعَقَبَةُ، وَوَهِمَ الطِّيبِيُّ، فَقَالَ أَيِ: الْجَمْرَةُ الَّتِي عِنْدَ مَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَا لِقَوْلِهِ: (فَجَعَلَ الْبَيْتَ) أَيِ: الْكَعْبَةَ (عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ) وَفِي سَائِرِ الْجَمَرَاتِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ اسْتَجَابًا، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهَا، وَيَسْتَدْبِرُ الْكَعْبَةَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ، وَالْجَمْرَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثٍ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورِ. (وَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُكَبِّرُ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ؛ لِأَنَّ التَّعْقِيبِيَّةَ لَا تُنَافِي الْمَعِيَّةَ، كَمَا حَقَّقَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ بِلْقِيسَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ وَفِي " الدُّرِّ " لِلسُّيُوطِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ رَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَعَمَلًا مَشْكُورًا. وَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ يَقُولُ مِثْلَ مَا قُلْتُ. (ثُمَّ قَالَ) أَيِ: ابْنُ مَسْعُودٍ (هَكَذَا رَمَى) : بِصِيغَةِ الْفِعْلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمَصْدَرِ (الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يَعْنِي بِهِ نَفْسَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعُدُولُهُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ، وَالْوَصْفِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوِهِ إِلَى الْمَوْصُولِ، وَصِلَتِهِ لِزِيَادَةِ التَّقْرِيرِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِ الْفِعْلِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} [يوسف: ٢٣] اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ ضَمِيرُ " قَالَ " لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرْنَا هُنَالِكَ (سُورَةُ الْبَقَرَةِ) . خَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَنَاسِكِ مَذْكُورٌ فِيهَا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>