للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٣ - وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ ; أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُقْرُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ» ) .

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ نَحْوَهُ، وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ إِلَى قَوْلِهِ: (كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ) .

ــ

١٦٣ - (وَعَنِ الْمِقْدَامِ) : آخِرُهُ مِيمٌ كَأَوَّلِهِ، وَهُوَ أَبُو كَرِيمَةَ عَلَى الْأَشْهَرِ وَهُوَ كِنْدِيٌّ يُعَدُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَحَدِيثُهُ فِيهِمْ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، مَاتَ بِالشَّامِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّحَابَةِ (ابْنِ مَعْدِ يكَرِبَ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَأَمَّا الْبَاءُ فَيَجُوزُ كَسْرُهَا مَعَ التَّنْوِينِ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَذَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ، وَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ النُّسَخِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَلَا) : حَرْفُ تَنْبِيهٍ، أَيْ: أُنَبِّهُكُمْ فَتَنَبَّهُوا (إِنِّي أُوتِيتُ) ، أَيْ: أَتَانِيَ اللَّهُ (الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ) ، أَيْ: أُعْطِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَ الْقُرْآنِ - حَالَ كَوْنِهِ مُنْضَمًّا - (مَعَهُ) : وَهُوَ يَحْتَمِلُ تَأْوِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أُوتِيَ مِنَ الْوَحْيِ الْبَاطِنِ غَيْرِ الْمَتْلُوِّ مِثْلَ مَا أُعْطِي مِنَ الظَّاهِرِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ أُوتِيَ الْكِتَابَ وَحْيًا وَأُوتِيَ مِنَ التَّأْوِيلِ مِثْلَهُ، أَيْ: أُذِنَ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي الْكِتَابِ فَيُعَمِّمَ وَيُخَصِّصَ وَيَزِيدَ وَيَنْقُصَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ وَلُزُومِ قَبُولِهِ كَالظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ مِنَ الْقُرْآنِ يَعْنِي: أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَأَحْكَامًا وَمَوَاعِظَ وَأَمْثَالًا تُمَاثِلُ الْقُرْآنَ فِي كَوْنِهَا وَاجِبَةَ الْقَبُولِ أَوْ فِي الْمِقْدَارِ (أَلَا) : فِي تَكْرِيرِ كَلِمَةِ التَّنْبِيهِ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ نَشَأَ مِنْ غَضَبٍ عَظِيمٍ عَلَى مَنْ تَرَكَ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ اسْتِغْنَاءً بِالْكِتَابِ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَجَّحَ الرَّأْيَ عَلَى الْحَدِيثِ. كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَلِذَا رَجَّحَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الْحَدِيثَ وَلَوْ ضَعِيفًا عَلَى الرَّأْيِ وَلَوْ قَوِيًّا (يُوشِكُ) : بِكَسْرِ الشِّينِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، أَيْ: يَقْرُبُ (رَجُلٌ شَبْعَانٌ) : بِالضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ.

قَالَ الْقَاضِي: إِنَّمَا وَصَفَهُ بِالشِّبَعِ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِمَّا الْبَلَادَةُ وَسُوءُ الْفَهْمِ، وَمِنْ أَسْبَابِهِ الشِّبَعُ وَكَثْرَةُ الْأَكْلِ، وَإِمَّا الْحَمَاقَةُ وَالْبَطَرُ وَمِنْ مُوجِبَاتِهِ التَّنَعُّمُ وَالْغُرُورُ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ وَالشِّبَعُ يُكْنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ (عَلَى أَرِيكَتِهِ) ، أَيْ: مُتَّكِئًا أَوْ جَالِسًا عَلَيْهَا، وَفِيهِ تَأْكِيدٌ لِحَمَاقَةِ الْقَائِلِ وَبَطَرِهِ وَسُوءِ أَدَبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>