للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: الْأَفْضَلِيَّةُ مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ، أَوِ الْإِضَافِيَّةِ النِّسْبِيَّةِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ " مِنَ " التَّبْعِيضِيَّةِ. (عِنْدَ اللَّهِ) : أَيْ: فِي حُكْمِهِ، فَإِنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الزَّمَانِ، كَمَا أَنَّهُ مُقَدَّسٌ عَنِ الْمَكَانِ (يَوْمُ النَّحْرِ) : أَيْ: أَوَّلُ أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ الْعِيدُ الْأَكْبَرُ، وَيُعْمَلُ فِيهِ أَكْبَرُ أَعْمَالِ الْحَجِّ، حَتَّى قَالَ - تَعَالَى - فِيهِ: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: ٣] " ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ": بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: أَيْ: يَوْمُ الْقَرَارِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ حَيْثُ الِانْتِشَارِ. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَقَرُّونَ يَوْمَئِذٍ فِي مَنَازِلِهِمْ بِمِنًى، وَلَا يَنْفِرُونَ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَلَعَلَّ الْمُقْتَضِيَ لِفَضْلِهِمَا فَضْلُ مَا يَخُصُّهُمَا مِنْ وَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، فَالْمُرَادُ هَهُنَا أَيْ: مِنْ أَفْضَلِ الْأَيَّامِ، كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ أَعْقَلُ النَّاسِ، أَيْ: مِنْ أَعْقَلِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ الْأَيَّامِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ.

قَالَ ثَوْرٌ: يَعْنِي أَحَدَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ (وَهُوَ) : أَيْ: يَوْمُ الْقَرِّ هُوَ (الْيَوْمُ الثَّانِي) : أَيْ: مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، أَوْ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ، فَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَالَ) : أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ (وَقُرِّبَ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَجْهُولًا (لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَنَاتٌ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، أَوْ تَرْدِيدٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ يُرِيدُ تَقْرِيبَ الْأَمْرِ، أَيْ: بَدَنَاتٌ مِنْ بُدْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَطَفِقْنَ) : بِكَسْرِ الْفَاءِ الثَّانِيَةِ أَيْ: شَرَعْنَ (يَزْدَلِفْنَ) : أَيْ: يَتَقَرَّبْنَ، وَيَسْعَيْنَ (إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ: مُنْتَظِرَاتٌ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ لِلتَّبَرُّكِ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَحْرِهِنَّ اهـ. قِيلَ: وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ (قَالَ) : أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ (فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا) : أَيْ: سَقَطَتْ عَلَى الْأَرْضِ (قَالَ) : أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ تَأْكِيدٌ؛ كَذَا قِيلَ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيِ: الرَّاوِي (فَتَكَلَّمَ) : أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الطِّيبِيُّ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ بِزِيَادَةِ الْفَاءِ، وَعِنْدِي أَنَّ ضَمِيرَ " قَالَ " رَاجِعٌ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: فَتَكَلَّمَ (بِكَلِمَةٍ خَفِيَّةٍ) : عَطْفٌ تَفْسِيرٌ لِـ " قَالَ " (لَمْ أَفْهَمْهَا) : أَيْ: لِخَفَاءِ لَفْظِهَا (فَقُلْتُ) : أَيْ: لِلَّذِي يَلِيهِ، أَوْ يَلِينِي (مَا قَالَ؟) : أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ) : أَيِ: الْمَسْئُولُ، وَفِي " الْمَصَابِيحِ ": فَقَالَ (قَالَ) : أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَنْ شَاءَ) : أَيْ: مِنَ الْمُحْتَاجِينَ (اقْتَطَعَ) : أَيْ: أَخَذَ قِطْعَةً مِنْهَا، أَوْ قَطَعَ مِنْهَا لِنَفْسِهِ، وَفِي " الْمَصَابِيحِ ": فَلْيَقْتَطِعْ مِنْهُ أَيْ: مِنْ لَحْمِهَا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

(وَذَكَرَ حَدِيثَا ابْنِ عَبَّاسٍ) : أَيْ: قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ (وَجَابِرٍ) : أَيِ: الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ (فِي: بَابِ الْأُضْحِيَّةِ) : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ اعْتِذَارٌ مِنْ صَاحِبِ الْمِشْكَاةِ بِأَنَّهُ أَسْقَطَهَا مِنْ تَكْرَارٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا بِأَنَّهُ حَوَّلَهُمَا عَنْ ذَلِكَ الْبَابِ، لِأَنَّهُمَا أَنْسَبُ إِلَى ذَلِكَ الْبَابِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>