٢٦٤٨ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ ". قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٦٤٨ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» ) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ هَذَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَذْكُورُ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْحَلْقِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا طَمَعًا فِي دُخُولِ مَكَّةَ. قُلْتُ: لَا مَانِعَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. ( «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ» ) : حَيْثُ عَمِلُوا بِالْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] أَكْمَلُ، وَقَضَاءَ التَّفَثِ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] يَكُونُ بِهِ أَجْمَلَ، وَبِكَوْنِهِ فِي مِيزَانِ الْعَمَلِ أَثْقَلَ (قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) : عَطْفٌ تَلْقِينِيٌّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: ١٢٤] بَعْدَ قَوْلِهِ {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٤] : أَيْ: وَاجْعَلْ بَعْضَ ذُرِّيَّتِي أَئِمَّةً لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّلْقِينِ، كَمَا وَهِمَ ابْنُ حَجَرٍ، فَإِنَّهُ دُعَاءٌ مُسْتَقِلٌّ لَا مُتَفَرِّعٌ عَنْ كَلَامٍ سَابِقٍ، وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ: وَجَاعِلٌ بَعْضَ ذُرِّيَّتِي، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى كَافِ " جَاعِلُكَ " فَلَا وَجْهَ لَهُ، نَعَمْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّلْقِينِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} [البقرة: ١٢٦] بَعْدَ قَوْلِهِ {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ١٢٦] فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّقْدِيرُ: وَارْزُقْ مَنْ كَفَرَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَأَرْزُقُ مَنْ كَفَرَ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ " مَنْ كَفَرَ " مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ " فَأُمَتِّعُهُ " (قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ) : وَتَغَافَلَ عَنِ الْعَطْفِ عَلَى وَجْهِ الْعَطْفِ دُونَ الْعُنْفِ (قَالُوا) : تَأْكِيدٌ لِلِاسْتِدْعَاءِ، وَهَلْ هُوَ قَوْلُ الْمُحَلِّقِينَ، أَوِ الْمُقَصِّرِينَ، أَوْ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا، احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثٌ: أَظْهَرُهَا بَعْضُ الْكُلِّ مِنَ النَّوْعَيْنِ (وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ) : أَيْ: فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. (وَالْمُقَصِّرِينَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَذَكَرَ ابْنُ الْهُمَامِ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ (وَالْمُقَصِّرِينَ) ، ثُمَّ قَالَ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ، قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِينَ " اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ إِمَّا تَقْصِيرٌ مِنْهُ، أَوْ رِوَايَةٌ أُخْرَى، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ، وَيَدُلُّ الْأَوَّلُ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute