الْكَفَّارَةَ، وَلَيْسَ فِيمَا رَأَيْتُمُوهُ نَفْيٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَا فِيهِ وَلَا فِي قَوْلِنَا خِلَافُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ: لَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، وَلَا السَّرَاوِيلَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ، وَلَوْ قُلْنَا ذَلِكَ كُنَّا مُخَالِفِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ قَدْ أَبَحْنَا لَهُ اللِّبَاسَ، كَمَا أَبَاحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ بِالدَّلَائِلِ الْقَائِمَةِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَبَ هَذَا أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تَعَالَى - اهـ.
وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ جَمَاعَةَ: وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ الْخُفَّيْنِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَبَسَهُمَا وَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ اهـ، وَأَغْرَبَ الطَّبَرَيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَالْقُرْطُبِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ، فَحَكَوْا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إِذَا لَبَسَ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الْقَطْعِ عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، بَلْ قَالَ فِي مَطْلَبِ الْفَائِقِ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَيْسَ لَهَا وُجُودٌ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ مُنْتَقَدَةٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فَتْقُ السَّرَاوِيلِ، حَتَّى يَصِيرَ غَيْرَ مَخِيطٍ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِيَاسًا عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ مَالٍ فَمَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ بَعْدَ الْفَتْقِ لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ مِنْ غَيْرِ فَتْقٍ، بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ وَاجِبٌ إِلَّا أَنَّهُ يَفْدِي، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: امْتِنَاعُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ عَلَى هَيْئَتِهِ مُطْلَقًا فَغَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute