٢٧١٠ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: " «أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا، فَيَهْدِيَ، أَوْ يَصُومَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٢٧١٠ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: أَلَيْسَ) : اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ (حَسْبُكُمْ) : أَيْ: كَافِيكُمْ (سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ) : أَيْ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ إِنْ) : شَرْطِيَّةٌ (حُبِسَ أَحَدُكُمْ) : أَيْ: مَنَعَ مَانِعٌ (عَنِ الْحَجِّ) : أَيْ: رُكْنِهِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يُمْنَعِ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ (وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) وَسَعَى بَيْنَهُمَا (ثُمَّ حَلَّ) : أَيْ: بِالْحَلْقِ وَنَحْوِهِ (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا) : أَيْ: قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ لِاسْتِوَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] مَعَ اتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ لَنَا فِي أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِيهِمَا تَطَوُّعًا لَزِمَ إِتْمَامُهُمَا وَقَضَاؤُهُمَا إِنْ أَفْسَدَهَا، وَعِنْدَنَا يَلْزَمُ النَّفْلُ بِالشُّرُوعِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِذَا أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ بِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ غَيْرِ الْعَدُوِّ ; يُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ وَفَاتَ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ كَمَا فِي الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْآتِي: " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ " إِلَخْ (فَيُهْدِي، أَوَيَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا) : اعْلَمْ أَنَّ الْفَائِتَ إِذَا كَانَ مُفْرَدًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ مَنْ قَابِلٍ، وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ، بِخِلَافِ الْمُحْصَرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: عَلَيْهِ الدَّمُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَأَشَارَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إِلَى اسْتِحْبَابِ الدَّمِ لِلْفَائِتِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْفَائِتُ قَارِنًا فَإِنَّهُ يَطُوفُ لِلْعُمْرَةِ وَيَسْعَى، ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافًا آخَرَ لِفَوَاتِ الْحَجِّ، وَيَسْعَى لَهُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ، وَقَدْ بَطَلَ عَنْهُ دَمُ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا بَطَلَ تَمَتُّعُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ دَمُهُ، وَإِنْ سَاقَهُ مَعَهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَعَلَى الْكُلِّ لَا يَجِبُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ إِلَّا الْحَجُّ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute