٢٧٧٨ - «وَعَنْ مَحِيصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُجْرَةِ الْحَجَّامِ، فَنَهَاهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ: (اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ، وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ) » ، رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ــ
٢٧٧٨ - (وَعَنْ مُحَيِّصَةَ) : بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ الْمَكْسُورَةِ (أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُجْرَةِ الْحَجَّامِ) ، أَيْ فِي أَخْذِهَا أَوْ أَكْلِهَا (فَنَهَاهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلِارْتِفَاعِ عَنْ دَنِيءِ الِاكْتِسَابِ، وَلِلْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَمَعَالِي الْأُمُورِ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطْعِمَ عَبْدَهُ مَا لَا يَحِلُّ (فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَأْذِنُهُ) أَيْ فِي أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي أَكْلِهَا، فَإِنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ كَانَتْ لَهُمْ أَرِقَّاءُ كَثِيرُونَ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْ خَرَاجِهِمْ وَيَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ أَطْيَبِ الْمَكَاسِبِ، فَلَمَّا سَمِعَ مُحَيِّصَةُ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى أَكْلِ أُجْرَةِ الْحَجَّامِ تَكَرَّرَ فِي أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ (حَتَّى قَالَ) : - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (اعْلِفْهُ) : بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَكَسْرِ لَامٍ، أَيْ أَطْعِمْ بِهِ الْعَلَفَ (نَاضِحَكَ) ، وَهُوَ الْجَمَلُ الَّذِي يُسْقَى بِهِ الْمَاءُ (وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ) أَيْ عَبِيدَكَ وَإِمَائِكَ، لِأَنَّ هَذَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا شَرَفٌ يُنَافِيهِ دَنَاءَةُ هَذَا الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي حُرْمَتِهِ عَلَى الْحُرِّ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى حِلِّ تَنَاوُلِ الْحُرِّ لَهُ، فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى التَّنْزِيهِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ (رَوَاهُ مَالِكٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute