الْحِجَازِ تَعَلَّمُوا الْخَطَّ مَنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ وَلُغَتُهُمُ الرِّبُو فَعَلِمُوا صُورَةَ الْخَطِّ عَلَى لُغَتِهِمْ. قَالَ: وَكَذَا قَرَأَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْعَدَوِيُّ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْإِمَالَةِ لِكَسْرَةِ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّفْخِيمِ لِفَتْحَةِ الْبَاءِ قَالَ: فَيَجُوزُ كَتْبُهُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: لِلرِّبَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حُوبًا، أَصْغَرُهَا كَمَنْ أَتَى أَمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَدِرْهَمٌ مِنَ الرِّبَا أَشَدُّ مِنْ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ زِنْيَةً: قَالَ: وَيَأْذَنُ اللَّهُ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْقِيَامِ إِلَّا لِآكِلِ الرِّبَا، فَعَنْهُ لَا يَقُومُ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطْهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ. الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٢٨٠٧ - (عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا» ) ، أَيْ: آخِذَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] (وَمُؤَكِّلَهُ) : بِهَمْزَةٍ وَيُبْدَلُ أَيْ: مُعْطِيهِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْأَكْلَ هُوَ الْأَغْلَبُ أَوِ الْأَعْظَمُ كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: سَوَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ آكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، إِذْ كُلٌّ لَا يَتَوَصَّلُ إِلَى أَكْلِهِ إِلَّا بِمُعَاوَنَتِهِ وَمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ، فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْإِثْمِ كَمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُغْتَبِطًا بِفِعْلِهِ لَمْ يَسْتَفْضِلْهُ مِنَ الْبَيْعِ، وَالْآخَرُ مُنْهَضِمًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ النَّقْصِ، وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُدُودٌ فَلَا تُتَجَاوَزُ وَقْتَ الْوُجُودِ مِنَ الرِّبْحِ وَالْعَدَمِ وَعِنْدَ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالضَّرُورَةُ لَا تَلْحَقُهُ بِوَجْهٍ فِي أَنْ يُوكِلَهُ الرِّبَا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى حَاجَةٍ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُبَايَعَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَعَلَّ هَذَا الِاضْطِرَارَ يَلْحَقُ بِمَوَكَّلٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ صَرِيحِ الرِّبَا فَيَثْبُتُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُبَايِعَةِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] لَكِنْ مَعَ وَجَلٍ وَخَوْفٍ شَدِيدٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْآكِلُ (وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ تَصْرِيحٌ بِتَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمُتَرَابِيَيْنِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَبِتَحْرِيمِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبَاطِلِ (وَقَالَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (هُمْ سَوَاءٌ) ، أَيْ: فِي أَصْلِ الْإِثْمِ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فِي قَدْرِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَأَخْرَجَهُ هُوَ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ عَنْهُ سِوَى " «آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ» " وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ وَلَفْظُهُ: " «لَعَنَ اللَّهُ الرِّبَا وَآكِلَهُ وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهَدَهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute