٢٨١٣ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثِ. فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» ". وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٨١٣ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا أَيْ جَعَلَهُ عَامِلًا (عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ) بِالْإِضَافَةِ وَعَدِمِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ بِفَتْحِ جِيمٍ وَكَسْرِ نُونٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ فَمُوَحَّدَةٍ نَوْعٌ جَيِّدٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا) أَيْ مِثْلُ هَذَا الْجَيِّدِ (قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ) أَي مِنْ غَيْرِهِ تَارَةً (وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثِ) أَيْ تَارَةً، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ قِلَّةِ وَجُودِهِ وَكَثْرَتِهِ أَوْ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَأَصْنَافِهِ (قَالَ لَا تَفْعَلْ) أَيْ مِثْلَ هَذَا وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِمَا وَقَعَ لِأَنَّهُ جَهِلَ حُرْمَتَهُ، وَالصَّحَابَةُ فِي زَمَنِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِمْ مَنْ أَهْلِ إِنْشَاءِ الشَّرَائِعِ مَعْذُورُونَ بِمَا جَهِلُوهُ مِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْخَفِيَّةِ كَمَا هُنَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي نَسِيَهُ أَوْ حَذَفَهُ اقْتِصَارًا وَالْمَعْنَى أَنَّكَ لَا تَشْتَرِ الْجَنِيبَ بِتَمْرِ الْآخَرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ مِنَ الْآخَرِ، بَلْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا (بِعِ الْجَمْعَ) وَهُوَ كُلُّ نَوْعٍ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ أَوْ تَمْرٌ رَدِيءٌ أَوْ تَمْرٌ مُخْتَلِطٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَمَا يَخْتَلِطُ إِلَّا لِرِدَاءَتِهِ (بِالدَّرَاهِمِ) أَيْ مِثْلًا وَالْمُرَادُ مَالًا يَكُونُ مَالًا رِبَوِيًّا (ثُمَّ ابْتَعْ) أَيِ اشْتَرِ (بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا وَقَالَ:) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي الْمِيزَانِ) أَيْ فِيمَا يُوزَنُ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (مِثْلُ ذَلِكَ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَفَى بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ قَالَ فِيهِ قَوْلًا مِثْلَ ذَلِكَ الَّذِي قَالَهُ فِي الْكَيْلِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْجَيِّدِ يُبَاعُ ثُمَّ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ الْجَيِّدُ وَلَا يُؤْخَذُ جَيِّدٌ بِرَدِيءٍ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي الْوَزْنِ وَاتِّحَادِهِمَا فِي الْجِنْسِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُبَدِّلَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ وَيَأْخُذَ فَضْلًا فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُغَيِّرَ جِنْسَهُ وَيَقْبِضَ مَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَتَوْجِيهُ اسْتِدْلَالِهمْ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ لَا الطَّعْمُ وَالنَّقْدُ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ التَّمْرِ وَهُوَ الْمَكِيلُ أَلْحَقَ بِهِ حُكْمَ الْمِيزَانِ، وَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ النَّقْدِيَّةَ وَالْمَطْعُومِيَّةَ لَقَالَ: وَفِي النَّقْدِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا إِرْشَادٌ لِمَنْ ضَلَّ السَّبِيلَ وَوَقَعَ فِي الرِّبَا فَهَدَاهُ إِلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْعَمَلِ، وَالْمَفْهُومُ فِيهِ مَسْدُودٌ وِفَاقًا اهـ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا الْجَوَابَ ظَهَرَ لَكَ إِنَّهُ عُدُولٌ عَنْ سَبِيلِ الصَّوَابِ، ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ يُؤَسَّسُ عَلَيْهِ الْفُرُوعُ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْحِيلَةَ الَّتِي يَعْمَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ تَوَسُّلًا إِلَى مَقْصُودِ الرِّبَا لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْنِ فَيَبِيعَهُ ثَوْبًا بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هَذَا وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَهُوَ لَيْسَ بِحَرَامٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: هُوَ حَرَامٌ اهـ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَقْدَمِ الْأَعْظَمِ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَمِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَنْصُرُ قَوْلَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ مَا رَوَاهُ رَزِينُ بْنُ أَرْقَمَ فِي كِتَابِهِ عَنْ أُمِّ يُونُسَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ وَلَدِ رَزِينِ ابْنِ أَرْقَمَ إِلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَالَتْ: بِعْتُ جَارِيَةً مِنْ زَيْدٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ، وَكُنْتُ شَرَطْتُ عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ بِعْتَهَا فَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْكَ. فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِئْسَ مَا شَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ، أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ. قَالَتْ: فَمَا يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ عَلَى عَائِشَةَ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَفِّرُونَ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا فَقَدْ تَكُونُ عَائِشَةُ عَابَتِ الْبَيْعَ إِلَى الْعَطَاءِ لِأَنَّهُ أَجَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ أَوْ لِكَوْنِهِ بَاعَ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَزَيْدٌ صَحَابِيٌّ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فَمَذْهَبُنَا الْقِيَاسُ، وَهُوَ مَعَ زَيْدٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُمْنَعَ تَجْهِيلُ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْعَطَاءَ هُوَ مَا يَخْرُجُ لِلْجُنْدِيِّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute