١٧٥ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ) . ثُمَّ قَالَ: (يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحَبَّ سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
١٧٥ - (وَعَنْ أَنَسٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ لِي) أَيْ وَحْدِي أَوْ مُخَاطِبًا لِي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا بُنَيَّ) : بِضَمِّ الْبَاءِ تَصْغِيرُ ابْنٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا، وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ وَهُوَ تَصْغِيرُ لُطْفٍ وَمَرْحَمَةٍ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هَذَا لِمَنْ لَيْسَ ابْنَهُ وَمَعْنَاهُ اللُّطْفُ وَإِنَّكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ وَلَدِي فِي الشَّفَقَةِ (إِنْ قَدَرْتَ) : أَيِ اسْتَطَعْتَ وَالْمُرَادُ اجْتَهِدْ قَدْرَ مَا تَقْدِرُ (أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ) أَيْ تَدْخُلَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ أَيْ: وَلَيْسَ كَائِنًا فِي قَلْبِكَ (غِشٌّ) : ضِدُّ النُّصْحِ الَّذِي هُوَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ (لِأَحَدٍ) : وَهُوَ عَامٌّ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَإِنَّ نَصِيحَةَ الْكَافِرِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي إِيمَانِهِ وَيَسْعَى فِي خَلَاصِهِ مِنْ وَرْطَةِ الْهَلَاكِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَالتَّأَلُّفِ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. (فَافْعَلْ) : جَزَاءُ كِنَايَةٍ عَمَّا سَبَقَ فِي الشَّرْطِ أَيِ افْعَلْ نَصِيحَتَكَ (ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ! وَذَلِكَ) أَيْ خُلُوُّ الْقَلْبِ مِنَ الْغِشِّ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَفِيعُ الْمَرْتَبَةِ أَيْ بَعِيدُ التَّنَاوُلِ (مِنْ سُنَّتِي) أَيْ طَرِيقَتِي (وَمَنْ أَحَبَّ سُنَّتِي) : فَعَمِلَ بِهَا (فَقَدْ أَحَبَّنِي) أَيْ حُبًّا كَامِلًا لِأَنَّ مُحِبَّةَ الْآثَارِ عَلَامَةٌ عَلَى مَحَبَّةِ مَصْدَرِهَا (وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِيَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ مَعِيَّةَ مُقَارَبَةٍ لَا مَعِيَّةً مُتَّحِدَةً فِي الدَّرَجَةِ (فِي الْجَنَّةِ) : فَإِنَّ «الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» كَمَا فِي حَدِيثٍ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦٩] الْآيَةَ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute