٢٨٣١ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَي إِلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهُ وَلَا يَقْبَلْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» (رَوَاهُ ابْنَ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ــ
٢٨٣١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ) أَيْ شَخْصًا (قَرْضًا) هُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ وَالْمَصْدَرُ فِي الْحَقِيقَةِ الْإِقْرَاضُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَقْرُوضِ فَيَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِأَقْرَضَ وَالْأَوَّلُ مُقَدَّرٌ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] (فَأَهْدَى) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصُ (إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الْمُقْرِضِ شَيْئًا مِنَ الْهَدَايَا (أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ) أَيْ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ أَوْ دَابَّةِ الْمُقْرِضِ (فَلَا يَرْكَبْهُ) أَيِ الْمَرْكُوبَ وَفِي نُسْخَةٍ فَلَا يَرْكَبْهَا أَيِ الدَّابَّةَ (وَلَا يَقْبَلْهَا) أَيِ الْهَدِيَّةَ وَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الضَّمِيرُ الْفَاعِلُ فِي: " فَأَهْدَى " عَائِدٌ إِلَى الْمَفْعُولِ الْمُقَدَّرِ: وَالضَّمِيرُ فِي " لَا يَقْبَلْهَا " رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ أَهْدَى وَقَوْلُهُ فَأَهْدَى عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ وَجَوَابُهُ فَلَا يَرْكَبْهُ وَلَا يَقْبَلْهَا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيِ الْمَذْكُورُ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَالْإِهْدَاءِ (جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَالْمُقْرِضِ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيِ الْإِقْرَاضِ لِمَا وَرَدَ " كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا ". قَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ هَدِيَّةُ الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا قَبْلُ أَوْ حَدَثَ مُوجِبٌ لَهَا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَنَظِيرُهُ الْإِهْدَاءُ لِلْقَاضِي وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُثِيبَهُ بِقَدْرِ هَدِيَّتِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَقَدْ بَالَغَ إِمَامُ الْمُتَوَرِّعِينَ فِي زَمَنِهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ جَاءَ إِلَى دَارِ مَدِينِهِ لِيَتَقَاضَاهُ دَيْنَهُ وَكَانَ وَقْتَ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلِجِدَارِ تِلْكَ الدَّارِ ظِلٌّ فَوَقَفَ فِي الشَّمْسِ إِلَى أَنْ خَرَجَ الْمَدِينُ بَعْدَ أَنْ طَالَ الْإِبْطَاءُ فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الشَّمْسِ صَابِرٌ عَلَى حَرِّهَا غَيْرُ مُرْتَفِقٍ بِتِلْكَ الظِّلِّ لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ رِفْقٌ مِنْ جِهَةِ مَدِينِهِ، وَفِيهِ أَنَّ مَذْهَبَ ذَلِكَ الْإِمَامِ أَنَّ قَبُولَ رِفْقِ الْمَدِينِ حَرَامٌ كَالرِّبَا، وَمَذْهَبُنَا كَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إِلَّا إِنْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ الَّذِي وَجَبَ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِسَبَبِهِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) أَيْ فِي سُنَنِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute