قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُرَادُ بِالدَّاءِ الْعَيْبُ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ وَبِالْغَائِلَةِ مَا فِيهِ اغْتِيَالُ مَالِ الْمُشْتَرِي مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ سَارِقًا أَوْ آبِقًا. وَبِالْخِبْثَةِ أَنْ يَكُونَ خَبِيثَ الْأَصْلِ لَا يَطِيبُ لِلْمُلَّاكِ أَوْ مُحَرَّمًا كَالْمُسْبَئِ مِنْ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ فَعَبَّرَ عَنِ الْحُرْمَةِ بِالْخِبْثَةِ أَنْ يَكُونَ خَبِيثًا كَمَا عَبَّرَ عَنِ الْحِلِّ بِالطَّيِّبِ (بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ) نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِنَّمَا بَاعَهُ بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُسْلِمِ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ وَنُصِبَ بِهِ الْمَفْعُولُ، ذَكَرُهُ الطِّيبِيِّ. وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِ (بَيْعُ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هُوَ أَوْ هَذَا أَوْ عَكْسُهُ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا بَايَعَ الْمُسْلِمَ يَرَى لَهُ مِنَ النُّصْحِ أَكْثَرَ مِمَّا يَرَى لِغَيْرِهِ بَلْ أَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا تَعَاقَدَا فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الدِّينِ وَوَاجِبِ النَّصِيحَةِ أَنْ يُصَدِّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَبِمَنْ لَهُ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ بَاعَهُ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ وَاشْتَرَاهُ شِرَاءَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ طَرَفَيِ الْعَقْدِ عَنِ الْآخَرِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ بَيْعًا مُشْتَمِلًا لِجَمِيعِ شَرَائِحِ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ فِي شَرَائِطِهِ إِشَارَةً بِذَلِكَ إِلَى رِعَايَةِ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْبَيْعِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْعٌ مِنَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ بَيْعَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِاشْتَرَى إِذْ هُوَ يُطْلَقُ عَلَى بَيْعٍ كَعَكْسِهِ فَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ اشْتَرَى، فَانْدَفَعَ قَوْلُ شَارِحٍ: التَّقْدِيرُ بَاعَهُ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ أَوِ اشْتَرَاهُ شِرَاءَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ إِلَخْ. . . فَبَعِيدٌ عَنِ التَّحْقِيقِ وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute