الْفَصْلُ الثَّانِي
٢٨٧٩ - عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ قَالَ: ابْتَعْتُ غُلَامًا فَاسْتَغْلَلْتُهُ ثُمَّ ظَهَرْتُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ، فَخَاصَمْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَضَى لِي بِرَدِّهِ، وَقَضَى عَلَيَّ بِرَدِّ غَلَّتِهِ، فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: أَرُوحُ إِلَيْهِ الْعَشِيَّةَ فَأُخْبِرُهُ «أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا: " أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» " فَرَاحَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ فَقَضَى لِي أَنْ آخُذَ الْخَرَاجَ مِنَ الَّذِي قَضَى بِهِ عَلَيِّ لَهُ. رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
ــ
٢٨٧٩ - (عَنْ مَخْلَدِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الْمُعْجَمَةِ، غِفَارِيٌّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (ابْنِ خُفَافٍ) : بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الْأُولَى كَذَا فِي التَّقْرِيبِ. وَيُقَالُ إِنَّ لِخُفَافٍ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةً كَذَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّابِعِينَ. (قَالَ: ابْتَعْتُ غُلَامًا) أَيِ اشْتَرَيْتُهُ (فَاسْتَغْلَلْتُهُ) أَيْ أَخَذْتُ مِنْهُ غَلَّتَهُ يَعْنِي كِرَاءَهُ وَأُجْرَتَهُ، فِي النِّهَايَةِ: الْغَلَّةُ الدَّاخِلُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّتَاجِ وَنَحْوَ ذَلِكَ (ثُمَّ ظَهَرْتُ) أَيِ اطَّلَعْتُ (مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْغُلَامِ (عَلَى عَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ (فَخَاصَمْتُ فِيهِ) أَيْ حَاكَمْتُ فِي حَقِّ الْغُلَامِ أَوْ فِي عَيْبِهِ بَائِعَهُ (إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَضَى) أَيْ حَكَمَ (لِي بِرَدِّهِ) أَيْ عَلَيْهِ (وَقَضَى عَلَيَّ بِرَدِّ غَلَّتِهِ) أَيْ إِلَيْهِ (فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرْتُهُ) أَيْ بِمَا جَرَى (فَقَالَ: أَرُوحُ إِلَيْهِ) ، أَيْ: أَذْهَبُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (الْعَشِيَّةَ) ، أَيْ: آخِرَ النَّهَارِ أَوْ أَوَّلَ اللَّيْلِ (فَأُخْبِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الْخَرَاجَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (بِالضَّمَانِ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَاءُ فِي بِالضَّمَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَرَاجُ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ أَيْ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ الْبَاءُ لِلْمُقَابَلَةِ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَنَافِعُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ تَبْقَى لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ وَنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ " مَنْ عَلَيْهِ غُرْمُهُ فَعَلَيْهِ غُنْمُهُ " وَالْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ مَا يَحْصُلُ مِنْ غَلَّةِ الْعَيْنِ الْمُبْتَاعَةِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مِلْكًا وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ يَعْثُرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يُطْلِعْهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَلَهُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا اسْتَغَلَّهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا يَحْدُثُ فِي يَدِ الْمَشْتَرِي مِنْ نِتَاجِ الدَّابَّةِ وَوَلَدِ الْأَمَةِ وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا وَثَمَرِ الشَّجَرَةِ أَنَّ الْكُلَّ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي وَلَهُ رَدُّ الْأَصْلِ بِالْعَيْبِ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ حُدُوثَ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ رَدًّا لِأَصْلٍ بِالْعَيْبِ بَلْ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرُدُّ الْوَلَدَ مَعَ الْأَصْلِ وَلَا يَرُدُّ الصُّوفَ، وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوُطِئَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِالشُّبْهَةِ أَوْ وَطِئِهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَالْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ هُوَ الْوَاطِئَ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَافْتُضَّتْ فَلَا رَدَّ لَهُ لِأَنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ نَقْصٌ حَدَثَ فِي يَدِهِ بَلْ يَسْتَرِدُّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (فَرَاحَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ فَقَضَى) ، أَيْ: عُمَرُ (لِي أَنْ آخُذَ الْخَرَاجَ مِنَ الَّذِي قَضَى بِهِ عَلَيَّ لَهُ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ أَنَّ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ يَقِينًا لَزِمَهُ النَّقْضُ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِخَبَرِ عُرْوَةَ. (رَوَاهُ) أَيْ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) أَيْ بِإِسْنَادِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute