قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: " هَذَا الْحَدِيثُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْغَصْبِ وَلَا بِالْعَارِيَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُورَدَ فِي بَابِ ضَمَانِ الْمَتْلَفَاتِ، قَالَ الْقَاضِي: وَجْهُ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرَّمَ الضَّارِبَةَ بِبَدَلِ الصَّحْفَةِ لِأَنَّهَا انْكَسَرَتْ بِسَبَبِ ضَرْبِهَا يَدَ الْخَادِمِ عُدْوَانًا، وَمِنْ أَنْوَاعِ الْغَصْبِ إِتْلَافُ مَالٍ مُبَاشَرَةً، أَوْ بِسَبَبٍ عَلَى وَجْهِ الْعُدْوَانِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ: فَإِنْ قِيلَ: الصَّحْفَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، فَمَا وَجْهُ دَفْعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَحْفَةً مَكَانَهَا؟ أُجِيبُ: بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُرُوءَةِ لَا عَلَى طَرِيقِ الضَّمَانِ لِأَنَّ الصَّحْفَتَيْنِ كَانَتَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: كَانَتِ الصَّحْفَاتُ مُتَقَارِبَةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَانَتْ كَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ، فَجَازَ أَنْ يَدْفَعَ إِحْدَاهُمَا بَدَلَ الْأُخْرَى، وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا فَلَمْ يَبْقَ يَدَّعِي الْقِيمَةَ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute