عَصَا أَخِيهِ ") أَيْ: مَثَلًا (" لَاعِبًا جَادًّا ") حَالَانِ مِنْ فَاعِلِ يَأْخُذُ وَإِنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَتَانِ تَنَاقَضَتَا، وَإِنْ ذَهَبَ فِي التَّدَاخُلِ صَحَّ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، يَعْنِي وَيَكُونُ حَالًا مِنَ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ مُقَدَّرَةٌ حَتَّى لَا يَلْزَمَ التَّنَاقُضُ، سَوَاءٌ كَانَتَا مُتَرَادِفَتَيْنِ أَوْ مُتَدَاخِلَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْأَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَالثَّانِي عَلَى بَاطِنِهِ أَيْ: لَاعِبًا ظَاهِرًا جَادًّا بَاطِنًا أَيْ: يَأْخُذُ عَلَى سَبِيلِ الْمُلَاعَبَةِ وَقَصْدُهُ فِي ذَلِكَ إِمْسَاكُهُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اللَّعِبُ وَالْجِدُّ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلِذَا قَالَ الْمُظْهِرُ: " مَعْنَاهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى وَجْهِ الدَّلِّ وَسَبِيلِ الْمِزَاحِ ثُمَّ يَحْبِسَهَا عَنْهُ وَلَا يَرُدُّهُ فَيَصِيرُ ذَلِكَ جِدًّا، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: " عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، هُوَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ لَا يُرِيدُ سَرِقَتَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ إِدْخَالَ الْغَيْظِ عَلَيْهِ فَهُوَ لَاعِبٌ فِي السَّرِقَةِ جَادٌّ فِي إِدْخَالِ الْغَيْظِ وَالرَّوْعِ وَالْأَذَى عَلَيْهِ اه. وَيَنْصُرُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: (" «فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ» ") . قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " وَإِنَّمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْعَصَا لِأَنَّهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ التَّافِهَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا كَبِيرُ خَطِرٍ عِنْدَ صَاحِبِهَا، لِيَعْلَمَ أَنَّ مَا كَانَ فَوْقَهُ فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحَقُّ وَأَجْدَرُ " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَرِوَايَتُهُ) أَيْ: مَرْوِيُّ أَبِي دَاوُدَ انْتَهَى (إِلَى قَوْلِهِ " جَادًّا ") .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute