للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٦٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٩٦٤ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يَمْنَعْ ") بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّهَا نَاهِيَةٌ، وَلِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَلِأَحْمَدَ: " لَا يَمْنَعَنَّ " بِزِيَادَةِ نُونِ التَّوْكِيدِ، وَهِيَ تُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْجَزْمِ، رَوَاهُ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَالْمَعْنَى لَا يَمْنَعْ مُرُوءَةً وَنَدْبًا (" جَارٌ جَارَهُ ") أَيْ: إِذَا احْتَاجَ (" أَنْ يَغْرِزَ ") بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: يَضَعَ (" خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ ") أَيْ: جِدَارِ دَارِهِ إِذَا لَمْ يَضُرُّهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ عَلَى النَّدْبِ إِلَى تَمْكِينِ الْجَارِ وَوَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ دَارِهِ، أَمْ عَلَى الْإِيجَابِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَصَحُّهُمَا النَّدْبُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي الْإِيجَابُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ: " «مَالِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» "، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا عَنِ الْعَمَلِ بِهِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: " «فَنَكَّسُوا رُءُوسَهُمْ " فَقَالَ: " مَالِي أَرَاكُمْ أَعْرَضْتُمْ» ؟ أَيْ: عَنْ هَذِهِ السُّنَّةِ أَوِ الْخَصْلَةِ أَوِ الْمَوْعِظَةِ أَوِ الْكَلِمَاتِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ (لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ) أَقْضِي بِهَا وَأُصَرِّحُهَا وَأُوجِعُكُمْ بِالتَّقْرِيعِ بِهَا، كَمَا يُضْرَبُ الْإِنْسَانُ بِالشَّيْءِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ إِعْرَاضَهُمْ إِنَّمَا كَانُوا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْهُ النَّدْبَ لَا الْإِيجَابَ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَطْبَقُوا عَلَى الْإِعْرَاضِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: " وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: لَأَرْمِيَنَّ بِهَا إِلَى الْخَشَبَةِ وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْ إِلْزَامِهِمْ بِالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَيْ: لَا أَقُولُ: إِنَّ الْخَشَبَةَ تُرْمَى عَلَى الْجِدَارِ، بَلْ بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ لِمَا وَصَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ فِي حَقِّ الْجَارِ وَحَمْلِ أَثْقَالِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>