خِيَرَتِهِ، فَالْأَفْضَلُ تَوْسِيعُهَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مُرَادَةً بِالْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَ أَرْضِ قَوْمٍ أَرَادُوا عِمَارَتَهَا، فَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ جُعِلَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَهَذَا مُرَادُ الْحَدِيثِ، أَمَّا إِذَا وَجَدْنَا طَرَفًا مَسْلُوكًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، لَكِنَّ لَهُ عِمَارَةَ مَا حَوَالَيْهِ مِنَ الْمَوَاتِ وَيَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الْمَارِّينَ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَعْنَى الْإِرْفَاقِ، فَإِنْ كَانَتِ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا، فَلَا يَبْنِي فِيهَا وَلَا يُضَيَّقُ وَلَا يَفْتَحُ إِلَيْهَا بَابًا إِلَّا بِإِذْنِ جَمَاعَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً فَحَقُّ الْمَمَرِّ فِيهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِذَا بَنَى أَوْ قَعَدَ لِلْبَيْعِ فِي النَّافِذِ بِحَيْثُ يَبْقَى لِلْمَارَّةِ مِنْ عَرْضِ الطَّرِيقِ فَلَا يُمْنَعُ، لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يُزِيلُ ضَرَرَ الْمَادَّةِ، وَكَذَا فِي أَرَاضِي الْقُرَى الَّتِي تُزْرَعُ إِذَا خَرَجُوا مِنْ حُدُودِ أَرَاضِيهِمْ إِلَى سَاحَتِهَا لَمْ يُمْنَعُوا إِذَا تَرَكُوا لِلْمَارَّةِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، أَمَّا الطَّرِيقُ إِلَى الْبُيُوتِ الَّتِي يُقَسِّمُونَهَا فِي دَارٍ يَكُونُ مِنْهَا مَدْخَلُهُمْ، فَيُقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ لَا يَضِيقُ عَنْ مَآرِبِهِمُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهَا، كَمَمَرِّ السَّقَاءِ وَالْحَمَّالِ وَمَسْلَكِ الْجِنَازَةِ وَنَحْوِهَا اه.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمِقْدَارَ الْمُقَدَّرَ إِنَّمَا هُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ الْأَكْثَرِ، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ مُخْتَلِفٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبُلْدَانِ وَالسُّكَّانِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي أَزِقَّةِ مَكَّةَ وَأَسْوَاقِهَا حَالَ مَوْسِمِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ بِلَفْظِ: «إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ بِالْمَعْنَى لَفْظَ الْكِتَابِ، وَتَمَحَّلَ الطِّيبِيُّ فِي الْجَوَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute