للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٠ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: مَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ ; هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ فِي الدُّنْيَا، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: مَنِ اقْتَدَى بِكِتَابِ اللَّهِ لَا يَضِلُّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣] . رَوَاهُ رَزِينٌ.

ــ

١٩٠ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ) أَيْ مَوْقُوفًا (مَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ) : نَظَرًا أَوْ حِفْظًا أَوْ عِلْمًا بِمَعْنَاهُ (ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ) : مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ) : ضَمَّنَ هَدَى مَعْنَى آمَنَ، فَعَدَّاهُ بِمَنْ أَيْ آمَنَهُ اللَّهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنِ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ ثَبَّتَهُ اللَّهُ عَلَى الْهِدَايَةِ، وَوَقَاهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الضَّلَالَةِ مَا دَامَ يَعِيشُ (فِي الدُّنْيَا، وَوَقَاهُ) أَيْ: حَفِظَهُ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ) أَيْ: مُنَاقَشَتَهُ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى السُّوءِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ نُوقِشَ فِي الْحِسَابِ عُذِّبَ» "

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ أَنَّ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ مَنُوطَةٌ بِمُتَابَعَةِ كِتَابِ اللَّهِ اهـ. وَمُتَابَعَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ سُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمُتَابَعَتِهِ، فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ شَرْعًا لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ. (وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:) أَيِ ابْنُ عَبَّاسٍ (مَنِ اقْتَدَى بِكِتَابِ اللَّهِ) أَيْ: فِي الِاعْتِقَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا (لَا يَضِلُّ) أَيْ: لَا يَقَعُ فِي الضَّلَالَةِ (فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى) أَيْ: لَا يَتْعَبُ وَلَا يُعَذَّبُ (فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ) اسْتِشْهَادًا لِمَا قَالَهُ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} [طه: ١٢٣] أَيْ مَا يُهْدَى بِهِ، أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ مُبَالَغَةً، وَهُوَ الْقُرْآنُ بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ أَيِ: الْهِدَايَةُ الْمَخْصُوصَةُ بِي الْمَنْسُوبَةُ إِلَيَّ، وَفِي مَعْنَاهَا الْهِدَايَةُ النَّبَوِيَّةُ وَالسُّنَّةُ الْمُصْطَفَوِيَّةُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَعَالِمِ أَيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ {فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣] : ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الضَّلَالَةِ فِي الدُّنْيَا، وَنَفْيَ التَّعَبِ فِي الْآخِرَةِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَّرِيُّ: مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَهُوَ مُلَازَمَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لَا يَضِلُّ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعِدَّ التَّعَبَ الدُّنْيَوِيَّ مَعَ النَّعِيمِ الْأُخْرَوِيِّ تَعَبًا أَوْ لِانْشِرَاحِ صَدْرِهِ وَاطْمِئْنَانِ قَلْبِهِ وَتَسْلِيمِهِ تَحْتَ الْقَضَاءِ مَعَ الرِّضَا ارْتَفَعَ التَّعَبُ كُلُّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ رَزِينٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>