٣٠٤٠ - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذُكِرَ حَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ " أَلَا لَا يَحِلُّ " فِي بَابِ الِاعْتِصَامِ.
ــ
٣٠٤٠ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَصَا) ، بِالْقَصْرِ ( «وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ» ) صِفَةٌ أَوْ حَالٌ (يَنْتَفِعُ بِهِ) أَيِ: الْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُلْتَقِطُ بِهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفِ سَنَةٍ أَوْ مُطْلَقًا، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُعَرَّفُ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَا دُونُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَلِيلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الدِّينَارُ فَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ قَوْمٌ: الْقَلِيلُ التَّافِهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ كَالنَّعْلِ وَالسَّوْطِ وَالْجِرَابِ وَنَحْوِهَا، وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ رَفْعُ اللُّقْطَةِ لِصَاحِبِهَا أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحِلُّ رَفْعُهَا، وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ، وَقَالَ الْمُتَعَسِّفَةَ: لَا يَحِلُّ رَفْعُهَا، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عُلَمَائِنَا خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا، وَالْحِمَارُ وَالْفَرَسُ وَالْإِبِلُ التَّرْكُ أَفْضَلُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ فَتَرْكُ الدَّابَّةِ أَفْضَلُ وَإِذَا رَفَعَ اللُّقْطَةَ يُعَرِّفُهَا وَيَقُولُ: الْتَقَطْتُ لُقْطَةً أَوْ وَجَدْتُ ضَالَّةً أَوْ عِنْدِي شَيْءٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَطْلُبُ فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ: يُعَرِّفُهَا حَوْلًا وَلَمْ يُفَصِّلْ فِيمَا إِذَا كَانَتِ اللُّقْطَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ: إِنْ كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهَا يُعَرِّفُهَا حَوْلًا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَهَا يُعَرِّفُهَا شَهْرًا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ يُعَرِّفُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلَى خَمْسَةٍ يَحْفَظُهَا يَوْمًا وَاحِدًا، وَفِي الْخَمْسَةِ إِلَى الْعَشْرَةِ يَحْفَظُهَا أَيَّامًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلَى الْمِائَةِ يُعَرِّفُهَا شَهْرًا وَفِي الْمِائَةِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ يَحْفَظُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَفِي الْمِائَتَيْنِ إِلَى الْأَلْفِ أَوْ أَكْثَرَ يَحْفَظُهَا حَوْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ يَحْفَظُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِي الدَّانَقِ فَصَاعِدَا يَحْفَظُهُ يَوْمًا وَيُعَرِّفُهُ وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يَنْظُرُ يَمْنَةً وَيُسْرَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي سَهْلِ السَّرَخْسِيُّ: " لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ لَازِمٌ بَلْ يُفَوَّضُ إِلَى رَأْيِ الْمُلْتَقِطِ يُعَرِّفُ إِلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ ذَلِكَ إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَجِيئَ صَاحِبُهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا وَإِنْ تَصَدَّقَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا كَانَ صَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَجَازَ الصَّدَقَةَ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزِ الصَّدَقَةَ، فَإِنْ كَانَتِ اللُّقْطَةُ فِي يَدِ الْفَقِيرِ يَأْخُذُهَا مِنَ الْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْفَقِيرَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ، وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَيَنْبَغِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ رَفْعِ اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يَرْفَعُهَا لِصَاحِبِهَا فَإِنْ أَشْهَدَ كَانَتِ اللُّقْطَةُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ كَانَ عَاصِيًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: هِيَ أَمَانَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ الْحِفْظُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يُضَمَّنُ الْمُلْتَقِطُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَهُنَا إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُشْهِدَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُ مِنْهُ الظَّالِمُ فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَذُكِرَ حَدِيثُ الْمِقْدَامِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (ابْنِ مَعْدِيكَرِبَ) بِلَا انْصِرَافٍ (أَلَا لَا يَحِلُّ) أَيْ: لَكُمُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِي عَنْهَا صَاحِبُهَا (فِي بَابِ الِاعْتِصَامِ) أَيْ: فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَثَرُهُ مُنَاسِبٌ لِذَلِكَ الْبَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute