للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيْسَ أَوْلَى هُنَا بِمَعْنَى أَحَقِّ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ أَحَقُّ بَلْ هُوَ بِمَعْنَى أَقْرَبِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَقْرَبُ هُوَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ تَعْيِينِ أَرْبَابِ الْفَرَائِضِ {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: ١١] يَعْنِي وَإِنَّمَا نَحْنُ نَعْلَمُ وَقَدْ تَوَلَّيْنَا أَمْرَ الْوِرَاثَةِ وَحَكَمْنَا عَلَيْكُمْ وَمَا فَوَّضْنَاهُ إِلَيْكُمْ قَالَ: وَالْمُرَادُ قُرْبُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَكَرًا بَعْدَ الرَّجُلِ لِتَأْكِيدِ أَحَقَّ لِأَنَّ الرَّجُلَ فِي الْمَشْهُورِ هُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَقِيلَ: لِلِاحْتِرَازِ مِنَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَإِنَّهُ لَا يُجْعَلُ عَصَبَةً وَلَا صَاحِبَ فَرْضٍ جَزْمًا بَلْ لَهُ الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ الْأَقَلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَقِيلَ: بَيَانُ أَنَّ الْعَصَبَةَ يَرِثُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا بِخِلَافِ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُعْطُونَ الْمِيرَاثَ إِلَّا مَنْ بَلَغَ حَدَّ الرُّجُولِيَّةِ. وَقِيلَ: ذُكِرَ لِنَفْيِ الْمَجَازِ إِذِ الْمَرْأَةُ الْقَوِيَّةُ قَدْ تُسَمَّى رَجُلًا قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ أَوْقَعَ الْمَوْصُوفَ مَعَ الصِّفَةِ مَوْقِعَ الْعَصَبَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَقْرَبِ عَصَبَةٍ، وَسُمُّوا عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ يَعْصِبُونَهُ وَيُتَعَصَّبُ بِهِ أَيْ: يُحِيطُونَ بِهِ وَيَشْتَدُّ بِهِمْ وَالْعَصَبَةُ أَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ فَهُوَ لِلْعَصَبَاتِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَلَا يَرِثُ عَاصِبٌ بَعِيدٌ مَعَ وُجُودِ قَرِيبٍ، وَجُمْلَةُ عَصَبَاتِ النَّسَبِ الِابْنُ وَالْأَبُ وَمَنْ يُدْلِي بِهِمَا وَيُقَدَّمُ مِنْهُمُ الْأَبْنَاءُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْجِدُّ ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَهُمْ فِي دَرَجَةٍ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَحْجُبُ الْبَعْضَ وَالْحَجْبُ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>