للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٦٩ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ. وَزَادَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَالطَّلَاقَ وَالْحَجَّ. قَالَا: فَإِنَّهُ مِنْ دِينِكُمْ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

ــ

٣٠٦٩ - (وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ) أَيْ: مَوْقُوفًا (تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ. وَزَادَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَالطَّلَاقَ وَالْحَجَّ. قَالَا) أَيْ: عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ (فَإِنَّهُ) أَيْ: هَذَا الْعِلْمُ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنَّهَا أَيْ: الْفَرَائِضَ أَوِ الْمَذْكُورَاتَ (مِنْ دِينِكُمْ) أَيْ: مِنْ مُهِمَّاتِهِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِنْهُ مَا رُوِيَ " «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ» "، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ نِصْفَ الْعِلْمِ إِمَّا تَوَسُّعًا فِي الْكَلَامِ، أَوِ اسْتِكْثَارًا لِلْبَعْضِ، أَوِ اعْتِبَارًا لِحَالَيِ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ: هَكَذَا رِوَايَةُ الْفُقَهَاءِ فَالْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَهِيَ مَا قُدِّرَ مِنَ السِّهَامِ فِي الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْعِلْمَ بِهَا نِصْفَ الْعِلْمِ إِمَّا لِاخْتِصَاصِهَا بِإِحْدَى حَالَيِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ الْمَمَاتُ دُونَ سَائِرِ الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْحَيَاةِ وَإِمَّا لِاخْتِصَاصِهَا بِإِحْدَى سَبْيِ الْمَلَكِ، أَعْنِي الضَّرُورِيَّ دُونَ الِاخْتِيَارِيِّ لِشِرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَإِمَّا لِلتَّرْغِيبِ فِي تَعَلُّمِهَا لِكَوْنِهَا أُمُورًا مُهِمَّةً وَإِنَّ رِوَايَةَ الدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ: " «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِمُوهُ النَّاسَ، تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ» "، وَعَلَى هَذَا الرِّوَايَةِ فَالْفَرَائِضُ إِمَّا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ، أَوْ عَلَى مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ التَّكَالِيفِ، وَخَصَّ ذِكْرِهَا بَعْدَ التَّعْمِيمِ لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ اه.

وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ آخِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ ; فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَالْعَلَمُ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ لَا يَجِدَانِ أَحَدًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» ، فَإِنْ قِيلَ: لَمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ: تَعَلَّمُوا الْفُرُوضَ الْمُقَدَّرَةَ فِي الْكِتَابِ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنَّهَا نِصْفٌ لِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ، إِذْ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ نَوْعَانِ، عِلْمٌ بِالْفُرُوضِ وَعِلْمُ الْعَصَبَاتِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّكَلُّفِ. قُلْنَا لَا يَجُوزُ هَذَا لِمَانِعٍ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا أَوَّلُ قَضِيَّةٍ تُنْسَى، وَأَوَّلُ قَضِيَّةٍ تُنْسَى لَا يَكُونُ الْفُرُوضُ لِأَنَّ نِسْيَانَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى نِسْيَانِ الْكِتَابِ، وَهُوَ بَاقٍ إِلَى انْقِرَاضِ الْعَالَمِ. فَلَا يَكُونُ أَوَّلَ قَضِيَّةٍ تُنْسَى، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنَّ يُقَالَ تُنْسَى مَعْرِفَتُهَا أَوْ يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهَا» ، كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي زَمَانِنَا هَذَا، وَاللَّهُ وَلِي دِينِهِ جَلَّ جَلَالُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>