للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

٣١٢١ - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفَ فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

٣١٢١ - (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ» ) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ كَذَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فِي أَخْلَاقِهِ وَكَلَامِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ فَتَارَةً يَكُونُ هَذَا خُلُقُهُ وَلَا ذَمٌّ لَهُ وَلَا إِثْمٌ عَلَيْهِ ; وَلِذَا لَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا دُخُولَهُ عَلَى النِّسَاءِ، وَتَارَةً يَكُونُ بِتَكَلُّفٍ وَهُوَ مَلْعُونٌ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ» ". وَأَمَّا دُخُولُ الْمُخَنَّثِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلِأَنَّهُنَّ اعْتَقَدْنَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فَلَمَّا سَمِعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْهُ الْكَلَامَ الْآتِيَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَةِ فَمَنَعَ، أَوْ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ الْفَسَادُ عَلَى دُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ لِوَصْفِهِ إِيَّاهُنَّ لِلْأَجَانِبِ (فَقَالَ) أَيِ الْمُخَنَّثُ (لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لِعَبْدِ اللَّهِ (يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ غَدًا) أَيْ فِي زَمَنِ الِاسْتِقْبَالِ (الطَّائِفَ) أَيْ حِصْنَهُ (فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ) أَيْ بِأَرْبَعِ عُكَنٍ فِي الْبَطْنِ مِنْ قُدَّامِهَا لِأَجْلِ السِّمَنِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ رُؤُيَتْ مَوَاضِعُهَا شَاخِصَةً مِنْ كَثْرَةِ الْغُضُونِ وَأَرَادَ بِالثَّمَانِ فِي قَوْلِهِ (وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ) أَطْرَافُ هَذِهِ الْعُكَنِ مِنْ وَرَائِهَا عِنْدَ مُنْقَطِعِ الْجَنْبَيْنِ، وَقَالَ الْأَكْمَلُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعُكَنَ جُمَعُ عُكْنَةٍ وَهِيَ الطَّيُّ الَّذِي فِي الْبَطْنِ مِنَ السِّمَنِ فَهِيَ تُقْبِلُ بِهِنَّ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَنَتَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَرَفَانِ فَإِذَا أَدْبَرَتْ صَارَتِ الْأَطْرَافُ ثَمَانِيَةً وَإِنَّمَا قَالَ بِأَرْبَعٍ وَثَمَانٍ دُونَ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الطَّرَفُ يُذَكَّرُ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: هَذَا الثَّوْبُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ يُرِيدُونَ الْأَشْبَارَ، وَكَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالَ» ". ثُمَّ قِيلَ، اسْمُ هَذَا الْمُخَنَّثِ هِيتُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَبِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَقِيلَ: هِبْنُ بِالنُّونِ وَالْمُوَحَّدَةِ (قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلَنَّ) نَهْيٌ مُؤَكَّدٌ بِالثَّقِيلَةِ (هَؤُلَاءِ) أَيِ الْمُخَنَّثُونَ (عَلَيْكُمْ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمُخَنَّثِ وَالْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ فَقَوْلُهُ هَؤُلَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى جِنْسِ الْحَاضِرِ الْوَاحِدِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ صِنْفِ هَؤُلَاءِ وَالْخِطَابُ بِالْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ تَعْظِيمًا لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>