(بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
٣١٤٠ - عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: «جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ: دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
(بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ) أَيْ: عَقْدُهُ (وَالْخِطْبَةِ) رُوِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى النِّكَاحِ أَوْ عَلَى الْإِعْلَانِ وَبِكَسْرِ الْخَاءِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِعْلَانِ (وَالشَّرْطِ) عَطْفٌ عَلَى الْإِعْلَانِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٣١٤٠ - (عَنِ الرُّبَيِّعِ) اسْمُ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ (بِنْتُ مُعَوِّذٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (ابْنِ عَفْرَاءَ) اسْمُ الْأُمِّ (قَالَتْ) أَيْ: الرُّبَيِّعِ (جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ) أَيْ: فِي بَيْتِي (حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ سُلِّمْتُ وَزُفِفْتُ إِلَى زَوْجِي (فَجَلَسَ) أَيْ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي) خِطَابٌ لِمَنْ يَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْهَا وَهُوَ خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ، وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: " وَالَّذِي وَضُحَ لَنَا بِالْأَدِلَّةِ الْقَوِيَّةِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالنَّظَرِ إِلَيْهَا كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ "، وَهَذَا غَرِيبٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا وَلَا عَلَى الْخَلْوَةِ بِهَا بَلْ يُنَافِيهَا مَقَامُ الزِّفَافِ وَكَذَا قَوْلُهَا: (فَجَعَلَتْ) أَيْ: شَرَعَتْ (جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا) بِالتَّصْغِيرِ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِنَّ بَنَاتُ الْأَنْصَارِ لَا الْمَمْلُوكَاتُ (يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ) قِيلَ تِلْكَ الْبَنَاتُ لَمْ يَكُنَّ بَالِغَاتٍ حَدَّ الشَّهْوَةِ وَكَانَ دُفُّهُنَّ غَيْرَ مَصْحُوبٍ بِالْجَلَاجِلِ، قَالَ أَكْمَلُ الدِّينِ: " الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِّ أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ وَيُرْوَى بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ضَرْبِ الدُّفِّ عِنْدَ النِّكَاحِ وَالزِّفَافِ لِلْإِعْلَانِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمُ الْخِتَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْقُدُومَ مِنَ السَّفَرِ وَمُجْتَمَعَ الْأَحْبَابِ لِلسُّرُورِ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ الدُّفُّ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَمَّا مَا عَلَيْهِ الْجَلَاجِلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا بِالِاتِّفَاقِ (وَيَنْدُبْنَ) بِضَمِّ الدَّالِّ مِنَ النَّدْبِ وَهُوَ عَدُّ خِصَالِ الْمَيِّتِ وَمَحَاسِنِهِ أَيْ يَقُلْنَّ مُرْثِيَّاتٍ (مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي) وَشَجَاعَتِهِمْ فَإِنَّ مُعَاذًا وَأَخَاهُ قُتِلَا (يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ) أَيْ: إِحْدَى الْجُوَيْرِيَاتِ (
وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ
) بِالتَّنْوِينِ وَقِيلَ بِإِشْبَاعِ الدَّالِ أَيْ فِينَا نَبِيٌّ يُخْبَرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَيَقَعُ عَلَى وَفْقِهِ (فَقَالَ دَعِي هَذِهِ) أَيْ: اتْرُكِي هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَوِ الْقِصَّةَ أَوِ الْمَقَالَةَ (وَقُولِي بِالَّذِي تَقُولِينَ) وَفِي رِوَايَةٍ: (وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ) أَيْ: مِنْ ذِكْرِ الْمَقْتُولِينَ وَنَحْوِهِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِنْشَادِ شِعْرٍ لَيْسَ فِيهِ فُحْشٌ وَكَذِبٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْقَائِلَةَ مَقُوَلَهَا: وَفِينَا نَبِيٌّ إِلَخْ. لِكَرَاهَةِ نِسْبَةِ عِلْمِ الْغَيْبِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّمَا يَعْلَمُ الرَّسُولُ مِنَ الْغَيْبِ مَا أُخْبِرَهُ أَوْ لِكَرَاهَةِ أَنْ يَذْكُرَ فِي أَثْنَاءِ ضَرْبِ الدُّفِّ وَأَثْنَاءِ مَرْثِيَّةِ الْقَتْلَى لِعُلُوِّ مَنْصِبِهِ عَنْ ذَلِكَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute