٣١٤٢ - «وَعَنْهَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٣١٤٢ - (وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي) أَيْ: دَخَلَ مَعِي وَزُفَّ بِي (فِي شَوَّالٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: " يُقَالُ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ بِنَاءً أَيْ زَفَّهَا، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بَنَى بِأَهْلِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الدَّاخِلَ بِأَهْلِهِ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا قُبَّةً لَيْلَةَ دُخُولِهِ بِهَا فَقِيلَ لِكُلِّ دَاخِلٍ بِأَهْلِهِ بِانٍ وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ وَالْقَاضِي بِأَهْلِهِ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا وَبَالَغَا فِي التَّخْطِئَةِ حَتَّى تَجَاوَزَا إِلَى تَخْطِئَةِ الرَّاوِي قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّ اسْتِعْمَالَ بَنَى عَلَيْهَا بِمَعْنَى زَفَّهَا فِي بَدْءِ الْأَمْرِ كِنَايَةٌ فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الزِّفَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ بِنَاءٍ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنْ يُنْقَلَ مِنَ الْمَعْنَى الثَّانِي إِلَى ثَالِثٍ فَيَكُونُ بِمَعْنَى أَعْرَسَ بِي وَيُوَضِّحُ هَذَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعْرِسَ كَانَ يَبْنِي عَلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ خِبَاءً، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى كُنَّى بِهِ عَنِ الْوَطْءِ اه، وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الشُّرَّاحِ إِنَّمَا هُوَ صِحَّةُ تَعْدِيَةِ الْبَنَّاءِ بِالْبَاءِ وَهُمْ لَا يَنْفُونَ تَعْدِيَةَ مُرَادِفِهِ لَهَا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِالتَّضْمِينِ نَعَمْ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ بَنَى بِامْرَأَتِهِ بِالْبَاءِ كَأَعْرَسَ بِهَا لَوْ صَحَّ مِنْ غَيْرِ الْمُوَلَّدِينَ فَفِيهِ لُغَتَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقَامُوسِ: بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَبِهَا: زَفَّهَا، وَفِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ لِلسُّيُوطِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ هُوَ أَيْضًا (فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحْظَى) أَيْ: أَقْرَبَ إِلَيْهِ وَأَسْعَدَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ نَصِيبًا (عِنْدَهُ مِنِّي) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: كَانَ أَحْظَى مِنِّي نَظَرًا إِلَى لَفْظِ أَيِّ وَمِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: أَيَّةُ امْرَأَةٍ فَاعْتُبِرَ فِي الْإِضَافَةِ الْجَمْعُ وَذَكَرَهُ لِيُؤْذِنَ كَثْرَةَ نِسَائِهِ الْمُفَضِّلَاتِ عَلَيْهِنَّ، وَهِيَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، قِيلَ: إِنَّمَا قَالَتْ هَذَا رَدًّا عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ يُمْنًا فِي التَّزَوُّجِ وَالْعُرْسِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا سَمِعَتْ بَعْضَ النَّاسِ يَنْظُرُونَ بِبِنَاءِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَوَّالٍ لِتَوَهُّمِ اشْتِقَاقِ شَوَّالٍ مَنْ أَشَالَ بِمَعْنَى أَزَالَ فَحَكَتْ مَا حَكَتْ رَدًّا لِذَلِكَ وَإِزَاحَةً لِلْوَهْمِ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ: كَرِهَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ النِّكَاحَ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةٍ عَلَى مُسْلِمٍ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: إِنَّمَا كَرِهَ النَّاسُ أَنْ يَتَزَوَّجُوا فِي شَوَّالٍ لِطَاعُونٍ وَقَعَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ اه. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّزَوُّجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ قَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا رَدَّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَمَا يَتِمُّ يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute