إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا فَقَالَتْ: مَا تُعْطِينِي فَقُلْتُ رِدَاءً لِي، وَقَالَ صَاحِبِي: رِدَائِي، وَكَانَ رِدَاءُ صَاحِبِي أَجْوَدَ مِنْ رِدَائِي، وَكُنْتُ أَشْبَهَ فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَى رِدَاءِ صَاحِبِي أَعْجَبَهَا فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيَّ أَعْجَبْتُهَا، ثُمَّ قَالَتْ أَنْتَ وَرِدَاؤُكَ يَكْفِينِي فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ الَّتِي يُتَمَتَّعُ بِهِنَّ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ فِي النِّسَاءِ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ صَحَّ رُجُوعُهُ بَعْدَ مَا اشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ إِبَاحَتِهَا وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَهُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ وَالْعَنَتِ فِي الْأَسْفَارِ وَلِهَذَا قَالَ الْحَازِمِيُّ: " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ أَبَاحَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ وَأَبَاحَهَا لَهُمْ فِي أَوْقَاتٍ بِحَسَبِ الضَّرُورِيَّاتِ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فِي آخِرَ سَنَةٍ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ تَحْرِيمُ تَأْبِيدٍ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَعُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا طَائِفَةً مِنَ الشِّيعَةِ " اه، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: " أَحَادِيثُ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ وَرَدَتْ فِي أَسْفَارِهِمْ فِي الْغَزْوِ عِنْدَ ضَرُورَتِهِمْ وَعُدْمِ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بِلَادَهُمْ حَارَةٌ وَصَبْرَهُمْ عَنْهُنَّ قَلِيلٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطَرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، إِلَّا مَا قَالَ زُفَرُ: مَنْ نَكَحَ مُتْعَةً تَأَبَّدَ نِكَاحُهُ. وَكَأَنَّهُ جَعَلَ ذِكْرَ التَّأْجِيلِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تُلْغَى وَيَصِحُّ النِّكَاحُ " اه. وَفِيهِ أَنَّ زُفَرَ فَرَّقَ بَيْنَ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ وَبَيْنَ الْمُتْعَةِ فَالْمُتْعَةُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْمُتْعَةِ وَالتَّمْتِيعِ سَوَاءٌ يَكُونُ مُؤَقَّتًا أَوْ لَا وَالْمُؤَقَّتُ هُوَ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالزَّوَاجِ مُقَيَّدًا بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَ مُطْلَقًا وَنِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَمْكُثُ مَعَهَا إِلَّا مُدَّةً فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute