ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ مَعَ تَقَدُّمِهَا، فَوُجِّهَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْدِمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ (يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ) أَيْ: مِنْ كَثْرَةِ مَحَبَّتِهِ إِيَّاهَا (وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا) قِيلَ إِنَّمَا كَانَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ الْمُحِبَّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَحْبُوبًا وَبِالْعَكْسِ (فَقَالَ الْنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ رَاجَعْتِيهِ) الرِّوَايَةُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لِإِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ وَلَوْ لِلتَّمَنِّي أَوِ الشَّرْطِ مَحْذُوفِ الْجَزَاءِ أَيْ لَكَانَ لَكِ ثَوَابٌ أَوْ لَكَانَ أَوْلَى وَفِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي) بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَتَأْمُرُنِي بِمُرَاجَعَتِهِ وُجُوبًا (قَالَ إِنَّمَا أَشْفَعُ) أَيْ: آمُرُكِ اسْتِحْبَابًا (قَالَتْ: لَا حَاجَةَ) أَيْ: لَا غَرَضَ وَلَا صَلَاحَ (لِي فِيهِ) أَيْ: فِي مُرَاجَعَتِهِ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى عُذْرِهَا فِي عَدَمِ قَبُولِ شَفَاعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨] قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَفَاعَتِهِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ دُونَهَا اه، وَفِي الْحَدِيثِ شَفَاعَةُ الْإِمَامِ إِلَى الرَّعِيَّةِ وَهِيَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ السَّنِيَّةِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهَا وَعَدَمُ مُؤَاخَذَةِ الْإِمَامِ عَلَى امْتِنَاعِهَا وَإِنَّ الْعَدَاوَةَ لِسُوءِ الْخُلُقِ وَخُبْثِ الْمُعَاشَرَةِ جَائِزَةٌ، وَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ خِطْبَتَهَا وَاتِّبَاعِهِ إِيَّاهَا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute