٣٢١٣ - وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٢١٣ - وَعَنْهُ أَيْ عَنْ أَنَسٍ (قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَانَتْ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. ( «وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» ) : قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: هَذَا مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا بِمَهْرٍ. قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَنَسَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ جَمَاعَةٌ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ خَوَاصِّهِ كَمَا كَانَ النِّكَاحُ يَنْفِي الْمَهْرَ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَكَانَتْ هَذِهِ فِي مَعْنَى الْمَوْهِبَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِيمَنْ يُعْتِقُ أَمَةً ثُمَّ يَنْكِحُهَا. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: إِذَا أَعْتَقَ أَمَةً وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا كَأَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَكِ بِعِوَضِ الْعِتْقِ، فَقَبِلَتْ، صَحَّ الْعِتْقُ وَهِيَ بِالْخِيَارِ فِي تَزَوُّجِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، قُلْنَا: نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - يُعَيِّنُ الْمَالَ فَإِنَّهُ بَعْدَ عَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ أَحَلَّ مَا وَرَاءَهُنَّ مُقَيِّدًا بِالِابْتِغَاءِ بِالْمَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] الْآيَةَ. وَقَوْلُ الرَّاوِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمَهْرِ يَعْنِي أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَ الْعِتْقِ وَالتَّزَوُّجِ بِلَا مَهْرٍ جَائِزٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ. وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمِلٌ لَفْظَ الرَّاوِي فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ دَفَعًا لِلْمُعَارَضَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ، وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَلْزَمْنَاهَا بِقِيمَتِهَا، اهـ كَلَامُ الْمُحَقِّقِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الصَّدَاقُ عَلَى الدَّفْعِ الْمُعَجَّلِ الْمَوْضُوعِ لِلْأُلْفَةِ وَزِيَادَةِ الْمَحَبَّةِ وَهُوَ مُقَدَّمَةُ الصَّدَاقِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهَا مَجَازًا (وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مِنَ التَّمْرِ وَالسَّوِيقِ وَالسَّمْنِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِمَا سَيَأْتِي مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute