الْمُصَاحِبَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ بِصُحْبَتِهِ لَكِنَّهَا تَعِبَتْ بِالسَّفَرِ، وَإِذَا خَرَجَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي، وَهُوَ بِهَذَا الْفِعْلِ عَاصٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَفِي الْهِدَايَةِ لَا حَقَّ إِلَّا فِي الْقَسْمِ حَالَةَ السَّفَرِ، وَيُسَافِرُ الزَّوْجُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَيُسَافِرَ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقُرْعَةُ مُسْتَحِقَّةٌ لِمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ عَائِشَةَ. قُلْنَا: كَانَ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِنَّ، وَهَذَا لِأَنَّ مُطْلَقَ الْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَكَيْفَ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَذَلِكَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ تَعَالَى - جَلَّ جَلَالُهُ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: ٥١] وَمِمَّنْ أُرْجِيَ سَوْدَةُ وَجُوَيْرِيَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَصْفِيَّةُ وَمَيْمُونَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - ذَكَرَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَظِيمِ الْمُنْذِرِيُّ وَمِمَّنْ أُوِيَ عَائِشَةُ وَالْبَاقِيَاتُ - رَضِيَ عَنْهُنَّ - وَلِأَنَّهُ قَدْ يَثِقُ بِإِحْدَاهُمَا فِي السَّفَرِ وَبِالْأُخْرَى فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرَارُ فِي الْمَنْزِلِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ، أَوْ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، أَوْ تَمْنَعُ مِنْ سَفَرِ إِحْدَاهُمَا كَثْرَةُ سِمَنِهَا، فَتُعَيُّنُ مَنْ يَخَافُ صُحْبَتُهَا فِي السَّفَرِ لِلسَّفَرِ لِخُرُوجِ قُرْعَتُهَا إِلْزَامٌ لِلضَّرَرِ الشَّدِيدِ وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالنَّافِي لِلْحَرَجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute