٣٢٤٢ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعْهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ» . وَفِي رِوَايَةٍ «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ يَوْمِهِ ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ: لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٢٤٢ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَيُسَكَّنُ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَقَدْ يُسَكَّنُ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، وَقَالَ: الْمَعْنَى أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحْدِّثِينَ يُسْكِّنُونَ الْمِيمَ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ) : أَيْ: لَا يَضْرِبْ (امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ ضَرْبًا شَدِيدًا (ثُمَّ يُجَامِعْهَا) : بِالسُّكُونِ لِلْعَطْفِ عَلَى الْمَجْزُومِ (فِي آخِرِ الْيَوْمِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: ثُمَّ لِلِاسْتِبْعَادِ، أَيْ مُسْتَبْعَدٌ مِنَ الْعَاقِلِ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مِنَ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَالْمُضَاجَعَةِ. اهـ. وَلِذَا وَرَدَ أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بِغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بِغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا، أَوْ هَذَا مَعْنَى التَّدَبُّرِ فِي الْأَمْرِ أَيِ النَّظَرِ فِي عَاقِبَتِهِ. (وَفِي رِوَايَةٍ يَعْمِدُ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يَقْصِدُ (أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا) : أَيْ: يَرْجِعُ إِلَى قَضَاءِ شَهْوَتِهِ مِنْهَا (فِي آخِرِ يَوْمِهِ) : أَيْ: يَوْمَ جَلْدِهِ فَلَا تُطَاوِعُهُ، قِيلَ: النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِهِنَّ كَانَ قَبْلَ أَمْرِهِ بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ مُقَيِّدٌ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ فَلَا يُنَافِيهِ أَمْرُهُ بِالضَّرْبِ الْمُطْلَقِ بَلْ يَخُصُّهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ضَرْبِ الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ لِلتَّأْدِيبِ إِذَا لَمْ يَتَأَدَّبُوا بِالْكَلَامِ الْغَلِيظِ، لَكِنَّ الْعَفْوَ أُولَى، وَفِيهِ حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ النِّسَاءِ وَالرِّفْقِ بِهِنَّ. (ثُمَّ وَعَظَهُمْ) : هِيَ لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ بَعْدَ مَا تَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ بِزَمَانٍ، رَآهُمْ يَضْحَكُونَ مِنَ الْفَعْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَوَعَظَهُمْ أَيْ نَصَحَهُمْ (فِي ضِحْكِهِمْ) : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فِي الْقَامُوسِ الضَّحِكُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ وَبِكَسْرَتَيْنِ وَكَكَتِفٍ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْقَهْقَهَةَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَأَنَّ التَّبَسُّمَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَعَمُّ. (مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ) : عَطْفٌ عَلَى وَعَظَ (لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ) : وَفِي نُسْخَةٍ " مِمَّا يَفْعَلُهُ " أَيْ هُوَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الضِّحْكَ لَا يَحْسُنُ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ غَرِيبٍ وَشَأْنٍ عَجِيبٍ، وَلَا يُوجَدُ عَادَةً فَفِيهِ نَدْبُ التَّغَافُلِ عَنْ ضَرْطَةِ الْغَيْرِ؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى فَاعِلُهَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ حَاتِمًا لَمْ يَكُنْ أَصَمَّ وَإِنَّمَا سَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَفِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ حَصَلَ مِنْهَا ضَرْطَةٌ، فَقَالَ ارْفَعِي صَوْتَكِ دَفْعًا لِخَجَالَتِهَا، فَحَسِبَتْ إِنَّهُ أَصَمُّ فَفَرِحَتْ ثُمَّ أَنَّهُ نَمَّ بِذَلِكَ الْحَالِ تَتْمِيمًا لِدَفْعِ الْمَقَالِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى إِنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْعَاقِلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعِيبَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شَيْئًا أَنْ يَنْظُرَ فِي نَفْسِهِ أَوَّلًا هَلْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ أَوْ مُلْتَبِسٌ بِهِ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَرِيئًا، فَلِأَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَعِيبَهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:
أَرَى كُلَّ إِنْسَانٍ يَرَى عَيْبَ غَيْرِهِ ... وَيَعْمَى عَنِ الْعَيْبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ جَابِرٍ «نُهِيَ عَنِ الضِّحْكِ مِنَ الضَّرْطَةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute