للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٧٧ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي الْحَرَامِ يُكَفَّرُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٣٢٧٧ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْحَرَامِ) : أَيْ: فِي التَّحْرِيمِ (يُكَفَّرُ) : لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] : بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا، أَيْ مُتَابَعَةٌ، وَقِيلَ الْأُسْوَةُ هِيَ الْحَالَةُ يَكُونُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ مِنَ اتِّبَاعِ غَيْرِهِ حَسَنًا كَانَ أَوْ قَبِيحًا، وَلِذَا وَصَفَهَا فِي الْآيَةِ بِالْحَسَنَةِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَرَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أُمِرَ بِالْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، فَعَلَيْكُمْ مُتَابَعَتُهُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَفْظُ التَّحْرِيمِ يَمِينٌ، وَمَنْ حَرَّمَ مِلْكَهُ لَا يَحْرُمُ، وَإِنِ اسْتَبَاحَهُ فَقَدْ كَفَّرَ، فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَوْ لِجَارِيَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى بِهِ التَّحْرِيمَ أَوْ حَرَّمْتُكِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ، فَلَوْ وَطِئَهَا لَزَمَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ شَارِحُ النُّقَايَةِ: إِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ نَوَى الظِّهَارَ أَوِ الثَّلَاثَ أَوِ الْكَذِبَ، فَمَا نَوَى، فَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ فَإِيلَاءٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ أَنَّهُ يَمِينٌ، قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: ١] الْآيَةَ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَبَائِنَةٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُكِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ هَكَذَا، فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَى تَحْرِيمَ ذَاتِهَا، لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَيَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَوْ قَالَ لِطَعَامٍ: هَذَا حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُهُ عَلَى نَفْسِي، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>