للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٩١ - وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ مَوْلَاةٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. رَوَاهُ مَالِكٌ.

ــ

٣٢٩١ - (وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ مَوْلَاةٍ لِصَفِيَّةَ) : أَيْ: أُخْتُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ الثَّقَفِيَّةُ زَوْجَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسَمِعَتْ مِنْهُ، وَلَمْ تَرْوِ عَنْهُ، وَرَوَتْ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ (بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا) : أَيْ: صَفِيَّةُ (اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا) : أَيِ: ابْنِ عُمَرَ (بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا) : مِنْ مَالِهَا أَوْ بِكُلِّ حَقِّ لَهَا حَصَلَ بِإِعْطَائِهِ (فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَوَاهُ مَالِكٌ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ أَصْلًا، وَقَيَّدَتِ الظَّاهِرِيَّةُ صِحَّتَهُ بِمَا إِذَا كَرِهَتْهُ وَخَافَ أَنْ لَا يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، وَأَنْ لَا تُوَفِّيَهُ حَقَّهُ وَمَنَعَتْهُ إِذَا كَرِهَهَا هُوَ، وَقَالَ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ السُّلْطَانُ، كَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ وَجْهُ قَوْلِ الْمُزَنِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] نُسِخَ حُكْمُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] أُجِيبُ بِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِتَأَخُّرِ هَذِهِ وَعَدَمِ إِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَالْأَوَّلُ مُنْتَفٍ وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا النَّهْيَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا إِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ اسْتِبْدَالَ غَيْرِهَا مَكَانَهَا، وَالْآيَةُ مُطْلَقَةٌ، فَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لَهَا مُطْلَقًا؟ وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ، كُرِهَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] نَهَى عَنِ الْأَخْذِ مِنْهَا عِنْدَ عَدَمِ نُشُوزِهَا وَكَوْنِهِ مِنْ قِبَلِهِ، وَثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ لِلْمُعَارَضَةِ، وَفِيهِ بَحْثٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي امْرَأَةِ ثَابِتٍ مِنْ نَفْيِ الزِّيَادَةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ وَقَدْ رُوِيَتْ مُرْسَلَةً وَمُسْنَدَةً، فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ، وَأَقْرَبُ الْمَسَانِيدِ مُسْنَدُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَشْكُوَ زَوْجَهَا، فَقَالَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَصْدَقَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً، قَالَ: " أَمَّا الزِّيَادَةُ، فَلَا» . وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ الْوَلِيدُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمَرَاسِيلُ أَصَحُّ، وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، وَكَانَ أَصْدَقَهَا حَدِيقَةً فَكَرِهَتْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَعْطَاكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا الزِّيَادَةُ، فَلَا، وَلَكِنْ حَدِيقَتُهُ، قَالَتْ: نَعَمْ فَأَخَذَهَا» ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُخْتَلِعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ سَلُولٍ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ» ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَسَمَّاهَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>