عُبُودِيَّةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ، وَلِتَجَرُّدِهِ إِلَى قِيَامِ حَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ لِخَالِقِهِ، وَبَاعِثٌ عَلَى تَخْلِيصِ سَيِّدِهِ وَعِتْقِهِ مِنَ النَّارِ جَزَاءً وِفَاقًا لِمَنْ خَلَّصَ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَهُ مِنْ خِدْمَةِ الْخَلْقِ الَّذِي هُوَ الْعَارُ، وَفِيهِ تَخَلُّقٌ بِخَلَاقِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهِ وَشَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ (وَلَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ) : أَيْ: مَنِ الْحَلَالَاتِ (أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ) : أَيْ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَبِدُونِ ضَرُورَةٍ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: بَلْ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا فِي الَّتِي لَا تُصَلِّي وَالْفَاجِرَةِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُوَفِّيهَا مَهْرَهَا. وَحُكِيَ عَنِ أَبِي حَفْصٍ الْبُخَارِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: إِنْ لَقِيَ اللَّهَ وَمَهْرُهَا فِي عُنُقِهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي، أَوِ اللَّامُ لِلْعَهْدِ أَيْ مِنْ طَلَاقِ الثَّلَاثِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إِلَى مَعْصِيَةِ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِمَا وَلِهَذَا كَانَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَى الشَّيْطَانِ كَمَا وَرَدَ فِي تَعْظِيمِهِ لِبَعْضِ الْأَعْوَانِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ أَفْضَلُ مِنَ التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ، وَعَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْخَلْقِ مِنَ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ - تَعَالَى، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute