الْفَصْلُ الثَّانِي
٣٣١٦ - «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ; فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
٣٣١٦ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ) : أَيْ: حِينَ نُزُولِهَا (أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ) : أَيْ: بِالِانْتِسَابِ الْبَاطِلِ (مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ) : أَيِ: الْمَرْأَةُ (مِنَ اللَّهِ) : أَيْ: مِنْ دِينِهِ أَوْ رَحْمَتِهِ (فِي شَيْءٍ) : أَيْ: شَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ (وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ) قَالَ التُّورِبِشَتِيُّ: أَيْ مَعَ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ الْمُحْسِنِينَ، بَلْ يُؤَخِّرُهَا أَوْ يُعَذِّبُهَا مَا شَاءَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ كَافِرَةً فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْخُلُودُ. (وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ) : أَيْ: أَنْكَرَهُ وَنَفَاهُ (وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ) : أَيِ: الْوَلَدُ (وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ) : أَيْ: إِلَى الرَّجُلِ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى قِلَّةِ شَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَكَثْرَةِ قَسَاوَةِ قَلْبِهِ وَغِلْظَتِهِ، أَوْ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْظُرُ إِلَى وَلَدِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ التُّورِبِشَتِيِّ: وَذِكْرُ النَّظَرِ تَحْقِيقٌ لِسُوءِ صَنِيعِهِ، وَتَعْظِيمٌ لِلذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِالْفُرْقَةِ حَتَّى أَمَاطَ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ: (وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ) : تَتْمِيمٌ لِلْمَعْنَى وَمُبَالَغَةٌ فِيهِ اهـ. قِيلَ: مَعْنَى (وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ) : أَيْ: وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَيَكُونُ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا (احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ) : أَيْ: حَجَبَهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ {جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ: ٢٦] ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الِاحْتِجَابِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَلْبَابِ. (وَفَضَحَهُ) : أَيْ: أَخْزَاهُ (عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ) : أَيْ: عِنْدَهُمْ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَشْهِيرِهِ (فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) : أَيْ: فِي جَمْعِهِمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِفَضْحِهِ، وَعَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُؤَكِّدَةً مِنَ الْخَلَائِقِ أَيْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) . وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: " يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute