للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْحَكِيمِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّاوِي يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ.

ــ

٢١٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الْكَلِمَةُ) : أَيِ: الْجُمْلَةُ الْمُفِيدَةُ (الْحِكْمَةُ) ، قَالَ مَالِكٌ: هِيَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ. قَالَ تَعَالَى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦٩] الْآيَةَ. وَقِيلَ: الَّتِي أُحْكِمَتْ مَبَانِيهَا بِالنَّقْلِ وَالْعَقْلِ دَالَّةً عَلَى مَعْنًى فِيهِ دِقَّةٌ مَصُونَةٌ مَعَانِيهَا عَنِ الِاخْتِلَالِ وَالْخَطَأِ وَالْفَسَادِ. وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: جُعِلَتِ الْكَلِمَةُ نَفْسَ الْحِكْمَةِ مُبَالَغَةً كَقَوْلِهِمْ: رَجُلٌ عَدْلٌ، وَيُرْوَى كَلِمَةُ الْحِكْمَةِ بِالْإِضَافَةِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ، وَيُرْوَى الْكَلِمَةُ الْحَكِيمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ لِأَنَّ الْحَكَمَ قَائِلُهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يس - وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: ١ - ٢] كَذَا فِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ، وَذَكَرَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: ١] وُصِفَ بِالْحَكِيمِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْحُكْمِ فَعَلَى هَذَا هُوَ يُفِيدُ وَجْهًا آخَرَ فِي الْكَلِمَةِ الْحَكِيمَةِ، وَقِيلَ: الْحَكِيمَةُ بِمَعْنَى الْمُحْكَمَةِ أَوِ الْحَاكِمَةِ (ضَالَّةُ الْحَكِيمِ) أَيْ: مَطْلُوبُهُ وَالْحَكِيمُ هُوَ الْمُتْقِنُ لِلْأُمُورِ الَّذِي لَهُ فِيهَا غَوْرٌ (فَحَيْثُ وَجَدَهَا) : أَيِ: الْحَكِيمُ الْحِكْمَةَ (فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) أَيْ: بِقَبُولِهَا، قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: يَعْنِي أَنَّ الْحَكِيمَ يَطْلُبُ الْحِكْمَةَ، فَإِذَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَيْ بِالْعَمَلِ بِهَا وَاتِّبَاعِهَا، أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ رُبَّمَا تَفَوَّهَ بِهَا مَنْ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ، ثُمَّ وَقَعَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ قَائِلِهَا مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى خَسَاسَةِ مَنْ وَجَدَهَا عِنْدَهُ، أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي فَهْمِ الْمَعَانِي وَاسْتِنْبَاطِ الْحَقَائِقِ الْمُحْتَجَبَةِ وَاسْتِكْشَافِ الْأَسْرَارِ الْمَرْمُوزَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَ مَنْ قَصُرَ فَهْمُهُ عَنْ إِدْرَاكِ حَقَائِقِ الْآيَاتِ وَدَقَائِقِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مَنْ رُزِقَ فَهْمًا وَأُلْهِمَ تَحْقِيقًا كَمَا لَا يُنَازَعُ صَاحِبُ الضَّالَّةِ فِي ضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا، أَوْ كَمَا أَنَّ الضَّالَّةَ إِذَا وُجِدَتْ مُضَيَّعَةً فَلَا تُتْرَكُ بَلْ تُؤْخَذُ وَيُتَفَحَّصُ عَنْ صَاحِبِهَا حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ السَّامِعُ إِذَا سَمِعَ كَلَامًا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ وَلَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ، فَعَلَيْهِ أَلَّا يُضَيِّعَهُ وَأَنْ يَحْمِلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ يَفْهَمُ أَوْ يَسْتَنْبِطُ مِنْهُ مَا لَا يَفْهَمُهُ وَلَا يَسْتَنْبِطُهُ هُوَ، أَوْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَنْعُ صَاحِبِ الضَّالَّةِ عَنْهَا فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهَا كَذَلِكَ الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَعْنًى لَا يَحِلُّ لَهُ كِتْمَانُهُ إِذَا رَأَى فِي السَّائِلِ اسْتِعْدَادًا لِفَهْمِهِ كَذَا قَالَهُ زَيْنُ الْعَرَبِ تَبَعًا لِلطِّيبِيِّ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّاوِي) : بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (يُضَعَّفُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يُنْسَبُ إِلَى ضَعْفِ الرِّوَايَةِ (فِي الْحَدِيثِ) . أَيْ: فِي بَابِ نَقْلِ الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَلِيٍّ وَكَأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخَذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَ مَوْقُوفًا: انْظُرْ إِلَى مَا قَالَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ قَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>