٣٣٥٣ - «وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: " اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ ". فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ: " أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ - أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ -» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٣٣٥٣ - (وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا) : أَيْ كَلَامًا لِقَائِلٍ يَقُولُ: (اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ) : أَيْ يَا أَبَا مَسْعُودٍ (لَلَّهُ) : بِفَتْحِ اللَّامِ (أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ) أَيْ أَتَمُّ وَأَبْلَغُ مِنْ قُدْرَتِكَ عَلَى عَبْدِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: عُلِّقَ عَمَلُ اعْلَمْ بِاللَّامِ الِابْتِدَائِيَّةِ، وَلَلَّهُ مُبْتَدَأٌ وَأَقْدَرُ خَبَرُهُ وَعَلَيْكَ صِلَةُ أَقْدَرَ، وَمِنْكَ مُتَعَلِّقُ أَفْعَلَ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ أَقْدَرُ ; لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ، وَلَا بِمَصْدَرٍ مُقَدَّرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْكَ أَيْ مِنْ قُدْرَتِكَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُظْهِرُ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يَأْبَاهُ، بَلْ هُوَ حَالٌ مِنَ الْكَافِ أَيْ أَقْدَرُ مِنْكَ حَالَ كَوْنِكَ قَادِرًا عَلَيْهِ (فَالْتَفَتُّ) : أَيْ نَظَرْتُ (إِلَى خَلْفِي فَإِذَا هُوَ) : أَيْ مِنْ خَلْفِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ مِنْ خَلْفِي (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ) : أَيْ بِبَرَكَةِ نَظَرِهِ الْإِكْسِيرِ وَنُصْحِهِ الْأَثِيرِ (يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ) . أَيْ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ (فَقَالَ: " أَمَا ") : بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (لَوْ لَمْ تَفْعَلْ) : أَيْ لَوْ مَا فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ مِنَ الْإِعْتَاقِ (لَلَفَحَتْكَ النَّارُ) : أَيْ أَحْرَقَتْكَ (أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ) : أَيْ أَصَابَتْكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ ظُلْمًا وَلَمْ يَعْفُ عَنْكَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ وَحُسْنِ صُحْبَتِهِمْ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ هَذَا لَيْسَ وَاجِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ وَجَاءَ كَفَّارَةَ ذَنْبِهِ فِيهِ، وَإِزَالَةَ إِثْمِ ظُلْمِهِ عَنْهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute