للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٣٣٧١ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الفاتحة: ١٥٢ - ٣٢٢٨٠] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] الْآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، فَإِذَا فَضَلَ مِنْ طَعَامِ الْيَتِيمِ وَشَرَابِهِ شَيْءٌ حُبِسَ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِمْ، وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٣٣٧١ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الفاتحة: ١٥٢ - ٣٢٢٨٠] أَيْ بِالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ مُبَالَغَةً وَزَجْرًا عَنْ أَخْذِهِ وَأَكْلِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] الْآيَةَ يَعْنِي حَيْثُ ذَكَرَ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠] (انْطَلَقَ) : أَيْ شَرَعَ وَذَهَبَ (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ) أَيْ أَفْرَزَ طَعَامَ الْيَتِيمِ أَوْ طَعَامَ نَفْسِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: (مِنْ طَعَامِهِ) : بِالْعَكْسِ (وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، فَإِذَا فَضَلَ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ زَادَ (مِنْ طَعَامِ الْيَتِيمِ وَشَرَابِهِ شَيْءٌ حَبَسَ) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ: أَمْسَكَ لَهُ (حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ) : أَيْ: يَفْسُدَ أَوْ إِلَى أَنْ يَفْسُدَ بَعْضُهُ (فَاشْتَدَّ ذَلِكَ) : أَيْ صَعُبَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْعَزْلِ وَالْفَسَادِ (عَلَيْهِمْ) : لِلتَّعَبِ فِي الْأَوَّلِ، وَالتَّضْيِيعِ فِي الثَّانِي (فَذَكَرُوا ذَلِكَ) : أَيْ: الِاشْتِدَادَ عَلَيْهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ} [البقرة: ٢٢٠] : أَيْ بِالْإِفْرَازِ (لَهُمْ) : أَيْ لِلْيَتَامَى (خَيْرٌ) : أَيْ مِنَ الْمُخَالَطَةِ (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) وَتَتِمَّتُهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] أَيْ لَأَوْقَعَكُمْ فِي الْعَنَتِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ فَحَصَلَ لَهُمْ رُخْصَةٌ (فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِمْ، وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِمْ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالُوا فِي رُفْقَةٍ فِي سَفَرٍ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمْ أَوْ مَاتَ، فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ أَوْ جَهَّزُوهُ مِنْ مَالِهِ لَا يَضْمَنُونَ اسْتِحْسَانًا، وَمَاتَ شَخْصٌ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، خَرَجُوا إِلَى الْحَجِّ فَمَاتَ وَاحِدٌ، فَبَاعُوا مَا كَانَ لَهُ مَعَهُمْ، فَلَمَّا وَصَلُوا سَأَلُوا مُحَمَّدًا فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تَكُونُوا فُقَهَاءَ، وَكَذَا بَاعَ مُحَمَّدٌ مَرَّةً كُتَبَ تِلْمِيذٍ لَهُ مَاتَ، فَأَنْفَقَ فِي تَجْهِيزِهِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] . (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>