وَقَالَ: " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ". وَقَالَ لَعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ ". وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَخُلُقِي) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي (وَقَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا) : أَيْ فِي الْإِسْلَامِ (وَمَوْلَانَا) : أَيْ وَلِيُّنَا وَحَبِيبُنَا. وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ اللَّطِيفَةُ وَالْبِشَارَاتُ الشَّرِيفَةُ اسْتِطَابَةٌ لِقُلُوبِهِمْ، وَتَسْلِيَةٌ لِحُزْنِهِمْ فِي تَقْدِيمِ الْخَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْفَائِقِ: لَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْدٍ: " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ". حَجَلَ أَيْ رَفَعَ رِجْلًا وَقَفَزَ أَيْ: وَثَبَ عَلَى الْأُخْرَى مِنَ الْفَرَحِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَخُونَا هَذِهِ الْمُؤَاخَاةُ وَبِقُولِهِ: مَوْلَانَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُدْعَى بِحِبِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَدْعُوَّ بِحِبِّهِ إِنَّمَا كَانَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْهُمَامِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ أُمٌّ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فَأُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ عَلَتْ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أُمُّ الْأَبِ أَوْلَى، وَعَنْ زُفَرَ: الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْخَالَةُ أُمٌّ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ( «وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا، وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ» ") . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: هَذَا كُلُّهُ تَشْبِيهٌ، فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ، أَوْ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهَا، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ مُتَيَقَّنٌ، فَيَثْبُتُ فَلَا يُقَيَّدُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أَحَقُّ مِنْ أَحَدٍ بِخُصُوصِهِ أَصْلًا مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، فَيَبْقَى الْمَعْنَى الَّذِي عَيَّنَّاهُ بِلَا مُعَارِضٍ، وَهُوَ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمٌّ، وَلِهَذَا تُحْرِزُ مِيرَاثَ الْأُمِّ مِنَ السُّدُسِ، وَعَلَيْهِ الشَّفَقَةُ تَتْبَعُ الْوِلَادَةَ ظَاهِرًا، فَكَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَى الْأَخَوَاتِ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُفْلَى وَلَا عُلْيَا، فَالْأَخَوَاتُ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute