بِتَعَهُّدٍ مِنْ فَقْرٍ أَوْ عِيَالٍ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ: قَوْلُهُ: تُعِينُ ضَائِعًا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَضَبْطُ مَنْ قَالَ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رُوِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ هِشَامًا إِنَّمَا رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ، وَقَدْ نَسَبَهُ الزُّهْرِيُّ إِلَى التَّصْحِيفِ، وَوَافَقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْأَخْرَقِ اهـ.
وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ مَحْمُولَانِ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ قَبْلَ الْإِعْلَالِ، إِذْ يَجِبُ قَلْبُهَا هَمْزَةً كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي نَحْوِ: قَائِلٍ وَبَائِعٍ وَعَائِشٍ وَأَمْثَالِهَا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّنْقِيحِ: قَوْلُهُ: ضَائِعًا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ هَكَذَا رِوَايَةُ هِشَامٍ الَّتِي رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ مِنْ جِهَتِهِ، أَيْ: ذَا ضَيَاعٍ مِنْ فَقْرٍ أَوْ عِيَالٍ أَوْ حَالٍ قَصَّرَ عَنِ الْقِيَامِ بِهَا، وَرُوِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّهُ الصَّوَابُ لِمُقَابَلَتِهِ الْأَخْرَقَ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: صَحَّفَ هِشَامٌ، إِنَّمَا هُوَ الصَّانِعُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَوْ تَصْنَعُ) : بِالْإِعْرَابَيْنِ (لِأَخْرَقَ) . أَيْ مَنْ لَيْسَ لَهُ كَسْبٌ مِنْ خَرِقَ كَفَرِحَ خَرَقًا بِالتَّحْرِيكِ جَهِلَ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: " أَخْرَقَ " أَيِ الْجَاهِلِ بِمَا يَعْمَلُهُ أَوْ لَيْسَ فِي يَدِهِ صَنْعَةٌ يَتَكَسَّبُ بِهَا. قَالَ الْقَاضِي: الْأَخْرَقُ هُنَا الَّذِي لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: رَجُلٌ أَخْرَقُ لَا صَنْعَةَ لَهُ، وَالْجَمْعُ خُرْقٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ. (قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: (تَدَعُ) : بِالضَّبْطَيْنِ أَيْ تَتْرُكُ (النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ) ، أَيْ مِنْ إِيصَالِ الشَّرِّ إِلَيْهِمْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَتْرُكُهُمْ مِنْ أَجْلِ شَرِّهِمْ، (فَإِنَّهَا) : أَيْ تَرْكُ النَّاسِ مِنَ الشَّرِّ (صَدَقَةٌ) ، فَالضَّمِيرُ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ، وَأَنَّثَهُ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْفَعْلَةِ أَوِ الْخَصْلَةِ (تَصَدَّقُ) : أَصْلُهُ تَتَصَدَّقُ (بِهَا) : أَيْ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ (عَلَى نَفْسِكَ) . أَيْ: تَحْفَظُهَا عَمَّا يُرْدِيهَا وَيَعُودُ وَبَالُهُ عَلَيْهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute