التَّفَرُّدِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّفْرِيدِ، وَفِي أُخْرَى مِنَ الْإِفْرَادِ، وَالْمَعْنَى أَنْ تَنْفَرِدَ وَتَسْتَقِلَّ (بِعِتْقِهَا، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا) . قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَوَجْهُ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْعِتْقَ إِزَالَةُ الرِّقِّ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمَالِكِ الَّذِي يُعْتِقُ، وَأَمَّا الْفَكُّ فَهُوَ السَّعْيُ فِي التَّخْلِيصِ، فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَنْ أَدَّى النَّجْمَ عَنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ أَعَانَهُ. (وَالْمِنْحَةَ) : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ هِيَ الْعَطِيَّةُ، وَالْمُرَادُ هُنَا نَاقَةٌ أَوْ شَاةٌ يُعْطِيهَا صَاحِبُهَا لِيُنْتَفَعَ بِلَبَنِهَا وَوَبَرِهَا مَادَامَتْ تَدِرُّ، وَقَوْلُهُ: (الْوَكُوفَ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ صِفَةٌ لَهَا وَهِيَ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ مِنْ وَكَفَ الْبَيْتُ إِذَا قَطَرَ (وَالْفَيْءَ) : بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ أَيِ التَّعَطُّفَ وَالرُّجُوعَ بِالْبِرِّ، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِمَا النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ: وَامْنَحِ الْمِنْحَةَ وَآثِرِ الْفَيْءَ لِيَحْسُنَ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْعِ، فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَعَلَى الِابْتِدَاءِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَمِمَّا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ الْمِنْحَةُ وَالْفَيْءُ (عَلَى ذِي الرَّحِمِ) : أَيْ عَلَى الْقَرِيبِ (الظَّالِمِ) ، أَيْ عَلَيْكَ بِقَطْعِ الصِّلَةِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ) : أَيْ مَا ذُكِرَ (فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ وَاسْقِ) : بِهَمْزِ وَصْلٍ أَوْ قَطْعٍ وَهُوَ أَنْسَبُ هُنَا (الظَّمْآنَ) : أَيِ الْعَطْشَانَ (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، أَيِ اجْمَعْ بَيْنَ الْإِحْسَانِ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ (فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ) : أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ، أَوْ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، أَوْ مِنَ الْأَمْرِ الْأَخِيرِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ (فَكُفَّ) : بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهُ وَكَسْرُهُ أَيْ: فَامْنَعْ لِسَانَكَ (إِلَّا مِنْ خَيْرٍ) . وَنَظِيرُهُ حَدِيثُ: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ) . قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْخَيْرِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ، فَالْمُبَاحُ لَيْسَ بِخَيْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الشَّرَّ فَيَشْمَلُ الْمُبَاحَ، وَإِلَّا فَلَا يَسْتَقِيمُ الْحَصْرُ أَوْ يَنْقَلِبُ الْمُبَاحُ مَنْدُوبًا، وَهَذَا فَذْلَكَةُ الْحَدِيثِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ أَيْ حَالُهُ أَوْ زَمَانُهُ، كَمَا هُوَ فِي عَصْرِنَا، وَلِذَا قِيلَ: وَقَتُنَا وَقْتُ السُّكُوتِ، وَلُزُومِ الْبُيُوتِ، وَالْقَنَاعَةِ بِالْقُوتِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute