للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٠٧ - وَعَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٣٤٠٧ - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» ") : أَيْ مَثَلًا، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْهِيِّ غَيْرُ اللَّهِ، وَخُصَّ بِالْآبَاءِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَادَةَ الْأَبْنَاءِ (" مَنْ كَانَ حَالِفًا ") : أَيْ مُرِيدًا لِلْحَلِفِ (" فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ ") : أَيْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ (" أَوْ لِيَصْمُتْ ") : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ عَيْنِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ، قَالُوا: الْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الْحَلِفَ يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الْمَحْلُوفِ بِهِ، وَحَقِيقَةُ الْعَظَمَةِ مُخْتَصَّةٌ بِهِ تَعَالَى فَلَا يُضَاهِي بِهِ غَيْرَهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ فَآثَمُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ فَأَبَرَّ. وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْكَعْبَةُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْأَمَانَةُ وَالْحَيَاةُ وَالرُّوحُ وَغَيْرُهَا، وَمِنْ أَشَدِّهَا كَرَاهَةً الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ، وَأَمَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِمَا شَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ، وَأُنْشِدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى:

وَيَقْبُحُ مِنْ سِوَاكَ الشَّيْءُ عِنْدِي ... وَتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَا

قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ " فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْيَمِينُ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُزَادُ الْكَلَامُ لِمُجَرَّدِ التَّقْرِيرِ وَالتَّأْكِيدِ، وَلَا يُرَادُ بِهِ الْقَسَمُ كَمَا يُرَادُ بِصِيغَةِ النِّدَاءِ مُجَرَّدُ الِاخْتِصَاصِ دُونَ الْقَصْدِ إِلَى النِّدَاءِ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا وَقَعَ قَبْلَ وُرُودِ النَّهْيِ أَوْ بَعْدَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>