للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤١٤ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَاللَّهِ لَأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٣٤١٤ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَاللَّهِ ; لَأَنْ يَلَجَّ ") : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ وَبِكَسْرٍ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ، قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: لَجِجْتُ أَلَجُّ بِكَسْرِ الْمَاضِي وَفَتْحِ الْمُضَارِعِ وَبِالْعَكْسِ لَجَاءً وَلَجَاجَةً اهـ. وَوَافَقَ الْقَامُوسَ، وَاقْتَصَرَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ عَلَى فَتْحِ الْمُضَارِعِ أَيْ: يُصِرَّ وَيُقِيمَ (" أَحَدُكُمْ ") أَيْ: عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (" بِيَمِينِهِ ") أَيْ: بِسَبَبِهَا (" فِي أَهْلِهِ ") : وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ (" آثَمُ ") : بِمَدِّ أَوَّلِهِ أَيْ: أَكْثَرُ إِثْمًا (" لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ ") أَيْ: بَعْدَ الْحَلِفِ (" كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ ") : وَفِي نُسْخَةٍ فَرَضَ (" اللَّهُ عَلَيْهِ ") : قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ لَجَاجًا مَعَ أَهْلِهِ كَانَ ذَلِكَ أَدْخَلَ فِي الْوِزْرِ، وَأَفْضَى إِلَى الْإِثْمِ مِنْ أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ وَيُكَفِّرَ عَنْهَا، لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ عُرْضَةَ الِامْتِنَاعِ عَنِ الْبِرِّ وَالْمُوَاسَاةِ مَعَ الْأَهْلِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الْإِلْجَاجِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ} [البقرة: ٢٢٤] أَيْ: لِأَقْوَالِكُمْ عَلِيمٌ أَيْ: بِنِيَّاتِكُمْ، وَآثَمُ: اسْمُ تَفْضِيلٍ أَصْلُهُ أَنْ يُطْلَقَ لِلَاجِّ الْإِثْمِ، فَأَطْلَقَهُ لِلَّجَاجِ الْمُوجِبِ لِلْإِثْمِ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّسَاعِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ مَزِيدًا ثُمَّ مُطْلَقًا لَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا نُسِبَ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمُ: الصَّيْفُ أَحَرُّ مِنَ الشِّتَاءِ، يَعْنِي: إِثْمُ اللَّجَاجِ فِي بَابِهِ أَبْلَغُ مِنْ ثَوَابِ إِعْطَاءِ الْكَفَّارَةِ فِي بَابِهِ. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى عِلْمِ الْحِنْثِ وَإِدَامَةِ الضَّرَرِ عَلَى أَهْلِهِ أَكْثَرُ إِثْمًا مِنَ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ. قَالَ الْبَرَمَاوِيُّ: آثَمُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ، فَيُشْعِرُ بِأَنَّ إِعْطَاءَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ إِثْمٌ لِمَا فِي الْحِنْثِ مِنْ عَدَمِ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ مُلَازَمَةُ عَادَةٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: بَنَى الْكَلَامَ عَلَى تَوَهُّمِ الْحَالِفِ، فَإِنَّهُ يَتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ إِثْمًا، وَلِهَذَا يَلَجُّ فِي عَدَمِ التَّحَلُّلِ بِالْكَفَّارَةِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّجَاجِ الْإِثْمُ أَكْثَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَهْلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِلْمُبَالَغَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>