٣٤٣٩ - «وَعَنْ أَبِي لُبَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً قَالَ: " يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ» ". رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٣٤٣٩ - (وَعَنْ أَبِي لُبَابَةَ) : بِضَمِّ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ غَلَبَتْ عَلَيْهِ كُنْيَتُهُ كَانَ مِنَ النُّقَبَاءِ، وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، بَلْ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ أَصْحَابِ بَدْرٍ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا. (أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي) أَيْ: مِنْ تَمَامِهَا (أَنْ أَهْجُرَ) : بِفَتْحِ هَمْزٍ وَضَمِّ جِيمٍ أَيْ: أَتْرُكَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ) : وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا فِرَارًا عَنْ مَوْضِعٍ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ بِالذَّنْبِ فِيهِ، وَذَنْبُهُ كَانَ مَحَبَّتَهُ لِيَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا أَنَّ عِيَالَهُ وَأَمْوَالَهُ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَمَّا حَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَخَافُوا قَالُوا: ابْعَثْ لَنَا أَبَا لُبَابَةَ نَسْتَشِيرُهُ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ وَهُمْ يَبْكُونَ: أَتُرَى نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ أَيِ الذَّبْحُ ثُمَّ نَدِمَ، وَقَالَ: قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَنَزَلَ فِيهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: ٢٧] فَشَدَّ نَفْسَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ: لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَتُوبَ أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ تِيبَ عَلَيْكَ فَحُلَّ نَفْسَكَ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَحُلُّهَا حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي يَحُلُّنِي، فَجَاءَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَخْ (وَأَنْ أَنْخَلِعَ) أَيْ: أَخْرُجَ بِالتَّجَرُّدِ (عَنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً) أَيْ: شُكْرًا لِقَبُولِ التَّوْبَةِ (قَالَ: يُجْزِئُ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ يَكْفِي (" عَنْكَ الثُّلُثُ ") : بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي أَيْ: ثُلُثُ مَالِكَ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ دَلِيلٌ لِلصُّوفِيَّةِ عَلَى ثُبُوتِ الْغَرَامَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَى مَنْ يُذْنِبُ ذَنْبًا فِي الطَّرِيقَةِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ (رَوَاهُ رَزِينٌ) أَيْ: فِي جَامِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute