قِصَاصًا بِمَا جَنَتْهُ يَدُهُ فَكَأَنَّهُ مَقْتُولُ يَدِهِ قِصَاصًا إِذْ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمَا اقْتُصَّ مِنْهُ (وَفِيهِ) : أَيْ: فِي الْكِتَابِ (إِنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ إِجْمَاعِيَّةٌ وَعَكْسُهَا بِالْأَوْلَى (وَفِي النَّفْسِ) أَيْ: فِي قَتْلِهَا مُطْلَقًا (الدِّيَةُ) : أَيْ: عِنْدَ الْعُدُولِ عَنِ الْقِصَاصِ إِلَيْهَا فِي الْعَمْدِ وَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ لَهَا فِي الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ (مِائَةٌ) : بَدَلٌ عَنِ الدِّيَةِ (مِنَ الْإِبِلِ) : أَيْ: عَلَى تَفْصِيلٍ سَبَقَ فِي تَقْسِيمِ أَنْوَاعِهَا (وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ) : اخْتَلَفُوا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّارَهِمِ هَلْ تُؤْخَذُ فِي الدِّيَاتِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ: يَجُوزُ أَخْذُهَا فِي الدِّيَاتِ مَعَ وُجُودِ الْإِبِلِ، ثُمَّ عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ: هَلْ هِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا أَمِ الْأَصْلُ الْإِبِلُ وَالذَّهَبُ وَالدَّرَاهِمُ بَدَلٌ عَنْهَا؟ وَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ الْأَصْلُ بِنَفْسِهَا مَقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهَا بِالْإِبِلِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُعْدَلُ عَنِ الْإِبِلِ إِذَا وُجِدَتْ إِلَّا بِالتَّرَاضِي، فَإِنْ أَعْوَزَتْ فَعَنْهُ قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُعْدَلُ إِلَى قِيمَتِهِ حِينَ الْقَبْضِ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً، وَالْقَدِيمُ الْمَعْمُولُ بِهِ ضَرُورَةُ أَنَّهُ يُعْدَلُ إِلَى أَلْفِ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ الدِّيَةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُؤَيِّدُ أَبَا حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فَالتَّقْدِيرُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ، وَأَلْفُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ. (وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ) : بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيِ: اسْتُؤْصِلَ قَطْعُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ (الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) قَالَ الشَّمَنِيُّ: فِي الْأَنْفِ سَوَاءٌ قَطْعُ الْأَرْنَبَةِ أَوِ الْمَارِنِ كُلُّ الدِّيَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ إِذَا فَوَّتَتْ مَنْفَعَةً عَلَى الْكَمَالِ أَوْ أَزَالَتْ جَمَالًا مَقْصُودًا فِي الْآدَمِيِّ عَلَى الْكَمَالِ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِتْلَافٌ لِلنَّفْسِ مِنْ وَجْهٍ، وَإِتْلَافُ النَّفْسِ مِنْ وَجْهٍ مُلْحَقٌ بِإِتْلَافِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَمَّا الْأَنْفُ فَمَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي عِنْدَهُمْ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفِ: (إِذَا قُطِعَ مَارِنُهُ الدِّيَةُ) وَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ) عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفِ: (إِذَا اسْتُؤْصِلَ مَارِنُهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ أَزَالَ بِقَطْعِ الْأَرْنَبَةِ جَمَالًا عَلَى الْكَمَالِ مَقْصُودًا، وَبِقَطْعِ الْمَارِنِ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً ; لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَنْفِ أَنْ تَجْتَمِعَ الرَّوَائِحُ فِي قَصَبَتِهِ لِتَعْلُوَ إِلَى الدِّمَاغِ، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِقَطْعِ الْمَارِنِ، وَلَوْ قُطِعَ الْمَارِنُ مَعَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَهِيَ عَظْمَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُزَادُ عَلَى دِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْقَصَبَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ ; لِأَنَّ الْمَارِنَ وَحْدَهُ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي الزَّائِدِ كَمَا لَوْ قُطِعَ وَحْدَهُ وَقُطِعَ لِسَانُهُ، وَلَنَا: مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي الْأَنْفِ إِذَا اسْتُوْعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ، فَلَا يَجِبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَلَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ ; لِأَنَّ الشَّمَّ فِي غَيْرِ الْأَنْفِ، فَلَا يَدْخُلُ دِيَةُ إِحْدَهُمَا فِي الْأُخْرَى) (وَفِي الْأَسْنَانِ) : أَيْ: جَمِيعِهَا (الدِّيَةُ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) : وَهُوَ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ (فِي قَلْعِ كُلِّ سِنٍّ) : إِذَا كَانَ خَطَأً سَوَاءٌ كَانَ ضِرْسًا أَوْ ثَنِيَّةً لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَوْ فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَلِمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّ الْكُلَّ فِي أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمَضْغُ سَوَاءٌ، وَبَعْضُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ، لَكِنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ جَمَالٌ وَهُوَ كَالْمَنْفَعَةِ فِي الْآدَمِيِّ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْخَطَأِ ; لِأَنَّ الْعَمْدَ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَلَعَ جَمِيعَ أَسْنَانِهِ تَجِبُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ عُضْوٌ دِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ سِوَى الْأَسْنَانِ. وَفِي الْكَوْسَجِ: تَجِبُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا ; لِأَنَّ أَسْنَانَهُ تَكُونُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا كَوْسَجُ. فَقَالَ لَهَا: إِنْ كُنْتُ كَوْسَجًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: تُعَدُّ أَسْنَانُهُ إِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَهُوَ كَوْسَجٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي وَجْهٍ لَوْ قَلَعَ زِيَادَةً عَلَى عِشْرِينَ سِنًّا تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْعِشْرِينَ وَلَا يَجِبُ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ، قُلْتُ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. (وَفِي الشَّفَتَيْنِ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُكْسَرُ (الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ) : أَيِ: الْخُصْيَتَيْنِ (الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ) : قَالَ الشَّمَنِيُّ: وَفِي الْحَشَفَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ كُلُّ الدِّيَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، إِذَا اسْتُؤْصِلَ أَوْ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ» ، أَخَرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute