٣٤٩٣ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسًا خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَسْنَانِ خَمْسًا خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهِ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ.
ــ
٣٤٩٣ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوَاضِحِ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ جَمْعُ مُوضِحَةٍ (خَمْسًا خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَسْنَانِ خَمْسًا خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ) : فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا خَمْسٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُوَافِقُ هَذَا قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَفِي الْأَسْنَانِ الدِّيَةُ. قُلْتُ: اعْتُبِرَ فِي الْجَمْعِ هُنَا إِفْرَادُهُ وَهُنَاكَ حَقِيقَتُهُ مِثَالُهُ فِي التَّعْرِيفِ حَقِيقَةُ الْجِنْسِ وَاسْتِغْرَاقُهُ، وَلِذَلِكَ كَرَّرَ خَمْسًا لِيَسْتَوْعِبَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ لِاعْتِبَارِ أَخْمَاسِهَا. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْعَرَبُ تُكَرِّرُ الشَّيْءَ مَرَّتَيْنِ لِيَسْتَوْعِبَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ بِاعْتِبَارِ أَخْمَاسِهَا. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْعَرَبُ تُكَرِّرُ الشَّيْءَ مَرَّتَيْنِ لِتَسْتَوْعِبَ تَفْصِيلَ جَمِيعِ جِنْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَوْتِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمُكَرَّرُ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْأَخْمَاسَ هُنَا زِيَادَةٌ عَلَى الدِّيَةِ كَمَا سَبَقَ تَحْرِيرُهَا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) : أَيْ: فِي الْفَصْلَيْنِ مِنَ الْحَدِيثِ (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، الْفَصْلَ الْأَوَّلَ) : أَيْ: وَلَمْ يَذْكُرَا قَوْلَهُ: فِي الْأَسْنَانِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّمَنِيُّ حَيْثُ قَالَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ فِي كُلِّ سِنٍّ. قَالَ الشَّمَنِيُّ: وَلَا قَوَدَ فِي الشِّجَاجِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مَا يَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَأَمَّا مَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِمَا فَيُسَمَّى جِرَاحَةً إِلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ: تُبِينُهُ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَلَا قِصَاصَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ» ) وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْضِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ» ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنِ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِي غَيْرِ الْمُوضِحَةِ، وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا فِيهَا ; لِأَنَّ لَهَا حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ السِّكِّينُ وَهُوَ الْعَظْمُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الشِّجَاجِ ; لِأَنَّ فِيمَا فَوْقَ الْمُوضِحَةِ كَسْرَ الْعَظْمِ وَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: فِي الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَوْلُ مَالِكٌ: يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَسْرِ عَظْمٍ وَلَا خَوْفِ هَلَاكٍ غَالِبٍ وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ بِأَنْ يُشْبَهَ غَوْرُهَا بِمِسْمَارٍ ثُمَّ تُتَّخَذُ حَدِيدَةٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْمِسْمَارِ فَيُقْطَعُ بِهَا مِقْدَارُ مَا قُطِعَ وَفِي شَرْحِ الْوَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] مَعَ إِمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ بِمَا ذَكَرْنَا وَرَوَى - الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ; لِأَنَّ جِرَاحَتَهُ لَا تَنْتَهِي إِلَى الْعَظْمِ فَصَارَ كَالْمَأْمُومَةِ. قَالَ: وَفِي الْمُوضِحَةِ خَطَأٌ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي الْهَاشِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ عُشْرُهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: (وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ) وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْهَاشِمَةِ لَكِنْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ وَفِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْجَائِفَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْجَوْفِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. قَالَ الشَّمَنِيُّ: وَفِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ ثُلُثَاهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ ; لِأَنَّ الْجَائِفَةَ تَنْفُذُ مِنْ ظَاهِرِ الْبَدَنِ إِلَى الْجَوْفِ، وَالثَّانِيَةُ هُنَا تَنْفُذُ مِنَ الْبَاطِنِ إِلَى الظَّاهِرِ، وَلِلْجُمْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَضَى أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَائِفَةِ تَكُونُ نَافِذَةً بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ وَقَالَ: هُمَا جَائِفَتَانِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: وَلَا تَكُونُ الْجَائِفَةُ إِلَّا فِي الْجَوْفِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا يَرْمُونَ فَرَمَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ خَطَأٍ فَأَصَابَ بَطْنَ رَجُلٍ فَأَنْفَذَهُ إِلَى ظَهْرِهِ فَدَوَوْهُ فَرُفِعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَضَى فِيهِ بِجَائِفَتَيْنِ قَالَ الشَّمَنِيُّ: وَلَا يُقَادُ حِينَئِذٍ بِجُرْحٍ إِلَّا بَعْدَ بُرْءٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُقَادَ قَبْلَ الْبُرْءِ وَيُسْتَحَبَّ الِانْتِظَارُ اعْتِبَارًا بِالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَلَنَا مَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِدْنِي، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (لَا تَعْجَلْ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ) قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ يَسْتَقِيدَهُ فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَعَرِجَ الرَّجُلُ الْمُسْتَقِيدُ وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِيدُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرِجْتُ مِنْهُ وَبَرَأَ صَاحِبِي، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (أَلَمْ آمُرْكَ أَنْ لَا تَسْتَقِيدَ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ فَعَصَيْتَنِي» ) أَنْ لَا يَسْتَقِيدَ حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرَأَ اسْتَقَادَ، وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ مَآلُهَا لَا حَالُهَا ; لِأَنَّ حُكْمَهَا فِي الْحَالِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَعَلَّهَا تَسْرِي إِلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَتْلٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute