أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَقْتُولَةَ دِيَتُهَا تَرِكَةٌ بَيْنَ وَرَثَتِهَا كَسَائِرِ مَا تَرَكَتْهُ لَهُمْ وَهَذَا يُنَاسِبُ مَا فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ (وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ) أَيِ الْمَقْتُولَ (شَيْئًا) أَيْ لَا مِنَ الدِّيَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَيَّنَ أَنْ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ بَيْنَ وَرَثَتِهَا دَخَلَ الْقَاتِلُ فِي عُمُومِهِمْ فَخَصَّهُمْ بِغَيْرِ الْقَاتِلِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى الْحَدِيثُ السَّابِقُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَقْلَ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ» ، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ مِنَ الْمَرْأَةِ هِيَ الْمَقْتُولَةُ وَعَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْأَوَّلِ الْمُرَادُ بِهَا الْقَاتِلَةُ قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الْعَقْلَ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ» وَقَوْلِهِ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَةِ بَيْنَ عَصَبَتِهَا وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا» حَدِيثَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ بِرَأْسِهِمَا فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مُبَيَّنًا بِالْآخَرِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ كَمَا فِي مَتْنِ الْمِشْكَاةِ فَلَا لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: إِنَّ الْعَقْلَ مِيرَاثٌ لَا بِالثَّانِي وَلِأَنَّ مِيرَاثَ الْقَتِيلِ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ بَلِ الْعَصَبَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْعَقْلِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. وَقِيلَ يُرَجِّحُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ لَفْظُ الْعَصَبَةِ وَالثَّانِيَ لَفْظُ بَيْنَ فَإِنَّهُ ذُكِرَ قَبْلُ فِيمَا كَانَ الْعَقْلُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِمْ بِلَفْظِ عَلَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَنْزِلَ عَلَى الْعُمُومِ لِيَتَنَاوَلَ الْمَعْنَيَيْنِ أَيْ أَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَةِ قَاتِلَةٌ بَيْنَ عَصَبَتِهَا وَمَقْتُولَةٌ بَيْنَ وَرَثَتِهَا وَمَا كَانَ مِيرَاثًا فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ فَقَطْ وَمَا كَانَ غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى الْعَصَبَةِ فَقَطْ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute