٣٥٠٨ - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ. فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَبَّ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ» ) رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ مُرْسَلًا.
ــ
٣٥٠٨ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) : مِنْ أَفَاضِلِ التَّابِعِينَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) : أَيْ وَالِدَتِهِ (بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ) : أَيْ جَارِيَةٍ (فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَقِيلَ: بِالْمَعْرُوفِ وَالْفَاعِلُ مَعْلُومٌ (كَيْفَ أَغْرَمُ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ أَضْمَنُ (مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ) : يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ مُرَاعَاةً لِلسَّجْعِ الْآتِي (وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِمَا هُوَ أَغْرَبُ، أَوْ مَعْنَاهُ مَا صَاحَ وَمَا رَفَعَ صَوْتَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: رَاعَى فِي تَأْخِيرِ الِاسْتِهْلَالِ عَنِ النُّطْقِ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي السَّجْعِ التَّرَقِّيَ ; لِأَنَّ نَفْيَ الِاسْتِهْلَالِ أَبْلَغُ مَنْ نَفْيِ النُّطْقِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِهْلَالِ نَفْيُ النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ السَّابِقَةِ. قُلْتُ: كَانَ عَلَيْهِ فِي الْقَرِينَةِ السَّابِقَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَكْلَ عَلَى الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَكِنَّهُ عَكَسَهُ لِمُلَائَمَةِ حَالِ الْجَنِينِ عَلَى فَرْضِ خُرُوجِهِ حَيًّا (وَمِثْلُ ذَلِكَ) : أَيِ الْقَتْلِ (يُطَلُّ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ لَامِهِ مِنْ طَالَ دَمُهُ وَأَطَلَّ: أَيْ هُدِرَ أَوْ يُهْدَرُ، وَفِي نُسْخَةٍ بَطَلَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهَذَا مِنْهُ كَلَامٌ بَاطِلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، إِذْ لَا يُعْرَفُ إِهْدَارُ دَمِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ مَا لَمْ يَنْطِقْ وَمَا لَمْ يَأْكُلْ عَلَى مَا هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا زَوَّقَ كَلَامَهُ بِالسَّجْعِ الْمُوَافِقِ لِلطَّبْعِ الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هَذَا) : أَيِ الْقَائِلُ أَوْ قَائِلُ هَذَا (مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ) : بِضَمِّ كَافٍ وَتَشْدِيدِ هَاءٍ جَمْعُ كَاهِنٍ، وَكَانُوا يُرَوِّجُونَ مُزَخْرَفَاتِهِمْ بِالْأَسْجَاعِ، وَيُزَوِّقُونَ أَكَاذِيبَهُمْ بِهَا فِي الْأَسْمَاعِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ وَلَمْ يَعِبْهُ بِمُجَرَّدِ السَّجْعِ دُونَ مَا تَضَمَّنَ سَجْعُهُ مِنَ الْبَاطِلِ. أَمَّا إِذْ وُضِعَ السَّجْعُ فِي مَوَاضِعِهِ مِنَ الْكَلَامِ فَلَا ذَمَّ فِيهِ، وَكَيْفَ يُذَمُّ وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا قُلْتُ: وَمِنْهُ مَا وَرَدَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مَنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ. (رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ مُرْسَلًا: أَيْ بِحَذْفِ الصَّحَابِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute