وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ: جُبَارٌ أَيْ: لَا دِيَةَ فِيهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ: يُضَمَّنُ صَاحِبُ الْمُتَفَلِّتَةِ مَا أَفْسَدَتْ لَيْلًا لَا نَهَارًا، لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ، فَأَفْسَدَتْ فَقَضَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مَضْمُونٌ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ مَا رَوَيَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مَشْهُورٌ وَمَا رَوَاهُ مُرْسَلٌ، وَهُوَ لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ، إِذْ كَانَ أَرْسَلَهَا صَاحِبُهَا وَيَكُونُ فَائِدَةُ الْخَبَرِ إِيجَابَ الضَّمَانِ بِسَوْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِإِفْسَادِهِ، فَبَيَّنَ تَسَاوِيَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِيهِ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:) أَقْبَلَ رَجُلٌ بِجَارِيَةٍ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ، فَمَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَاقِفٍ عَلَى دَابَّةٍ، فَنَخَسَ رِجْلَ الدَّابَّةِ فَرَفَعَتْ رِجْلَهَا فَلَمْ تُخْطِئْ عَيْنَ الْجَارِيَةِ، فَرُفِعَ إِلَى سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ فَضَمَّنَ الرَّاكِبَ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: عَلَى الرَّجُلِ إِنَّمَا يُضَمَّنُ النَّاخِسُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ عَنْ شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute