الْفَصْلُ الثَّانِي
٣٦١٧ - عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٣٦١٧ - (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إِنَّ مَنْ (شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ) الْمُرَادُ الضَّرْبُ الشَّدِيدُ أَوِ الْأَمْرُ لِلْوَعِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ يَقْتُلُ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ (قَالَ) أَيْ جَابِرٌ (ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ جِيءَ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ (بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ) فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْقَتْلَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا قَرِينَةٌ نَاهِضَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْتُلُوهُ مَجَازٌ عَنِ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ، مُبَالَغَةً لَمَّا عَتَا وَتَمَرَّدَ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَخَذَ جَلْدَ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يُرِيدُ الْأَمْرَ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ» . وَهُوَ لَوْ قَتَلَ عَبْدَ نَفْسِهِ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ أَبُو عِيسَى: إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَوَّلَ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَعَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهَا سَوَاءٌ شَرِبَ قَلِيلًا أَوْ شَرِبَ كَثِيرًا، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ طَائِفَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُقْتَلُ بَعْدَ جَلْدِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَالْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ قِيلَ: نَسَخَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» . الْحَدِيثَ، وَحَدُّ الْعَبْدِ عَلَى نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ كَمَا فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَهُوَ مَا سِوَى عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ فِيهِ كَجَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ: لَا يَحْرُمُ وَلَا يُحَدُّ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ دُونَ إِبَاحَةٍ اه. وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْأَدِلَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute